وإنك لتعجب من جهود عدد كبير من المستشرقين شرقاً وغرباً في ترجمة معاني القرآن الكريم كاملا، أو لأجزاء منه، رغم كل الصعوبات اللغوية والزمنية(١٢)؛ وبذلهم أقصى الجهود والقيام بالأسفار وإجراء التحقيقات والمراجعات؛ في مقابل ضعف المسلمين وقلة جهودهم التي ينبغي أن يبذلوها لكتابهم ووحي ربهم؛ مما جعل لترجمات أولئك المستشرقين مكانة الصدارة في المكتبات العامة والتجارية على سوء كثير منها من وجهة إسلامية.
جاء في بعض الدراسات أن ترجمة سيل -وهي أشهر ترجمة لمعاني القرآن بالإنجليزية حتى اليوم- التي أصدرها جورج سيل George Saleعام ١٧٣٤م وسماها " قرآن محمد " سادت أوروبا وأمريكا قرابة قرنين من الزمان، وقد اعتمد في ترجمته على ترجمة ماراكسي Marracci التي صدرت عام ١٦٩٨م وارتكزت على أن القرآن من وضع محمد عليه الصلاة والسلام، وأن هدفه هو إخضاع الناس بالسيف، ولسوئها -رغم انتشارها وقبول الكثيرين لها- عارضها بعض المؤرخين الفرنسيين بزعامة المؤرخ الفرنسي الكونت هنري دو بولنفيلييه، لكنه هوجم واتهم بأنه نصب نفسه مدافعاً عن الإسلام من أجل تحطيم خير الكاثوليكية (١٣)!.
وأتت ترجمة جورج سيل مثل ترجمة ماراكسي متعصبة منكرة للقرآن، وقد طبعت أكثر من ثلاثين مرة، وتمت ترجمتها من الإنجليزية إلى اللغات: الدانمركية عام ١٧٤٢م، والفرنسية عام ١٧٥٠م، والألمانية عام ١٧٦٤م، والروسية عام ١٧٩٢م، والسويدية عام ١٨١٤م، والبلغارية عام ١٩٠٢م.
ثم توالت ترجمات أخرى بالإنجليزية اعتمدت على هذه الترجمة السيئة (١٤).
أفنستغرب بعد ذلك أن يسود العالم الغربي والشرقي ذلك الفهم المشوش والمغلوط عن الإسلام ونبي الإسلام عليه أفضل الصلاة والسلام؟!