إن ذلك يؤكد عظم المسؤولية التي على المسلمين في ضرورة ووجوب التبليغ الصحيح لهذا الكتاب الكريم من خلال الترجمات الموثوقة التي تؤدي بإذن الله إلى صحة الفهم عن هذا الدين، بدلاً من تلك الترجمات المغلوطة.
رابعا : الترجمة وسيلة تعليم عدد كبير من المسلمين أحكام القرآن الكريم :
من الأمور المعلومة أن عدد المسلمين في هذا العصر من غير العرب يفوق أعدادهم من العرب، ومما يؤسف له أن كثيرا منهم لا يتكلمون باللغة العربية ولا يفهمونها، واللغة العربية لغة القرآن، ولربما رأيت من يستطيع قراءة القرآن قراءة حرفية، لكنه لا يكاد يفقه معانيه.
ولذلك نقول : إن تعلم اللغة العربية ضرورة لكل مسلم يقدر على ذلك، لأن ذلك جزء من الدين فهي الآلة والوعاء الذي به يعرف الدين ويفهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١٥) رحمه الله :
"وذلك أن اللسان الذي اختاره الله -عز وجل- لسان العرب فأنزل به كتابه العزيز وجعله لسان خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا نقول: ينبغي لكل أحد يقدر على تعلم العربية أن يتعلمها؛ لأنها اللسان الأولى".
لكن حتى يتحقق شيء من ذلك - كما أشرنا - لا بد من تفقيه المسلمين بدينهم وتعليمهم رسالة ربهم، الآمرة بالتوحيد والناهية عن الشرك، وذلك
لا يتأتى مع من لا يفهم منهم لغة القرآن إلا بالترجمة إلى لغاتهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (١٦) رحمه الله :
"ولهذا دخل في الإسلام جميع أصناف العجم من الفرس والترك والهند والصقالبة والبربر ومن هؤلاء من يعلم اللسان العربي، ومنهم من يعلم ما فرض الله عليه بالترجمة وقد قدمنا أنه يجوز ترجمة القرآن في غير الصلاة والتعبير؛ كما يجوز تفسيره باتفاق المسلمين"؛ لذلك فإن ترجمة الكتب الشرعية ومن أهمها تفاسير القرآن الكريم وشروح السنة النبوية، وكتب العقائد والأحكام؛ أمر لا بد منه، بل هو واقع مشاهد، إن لم يقم به أهل السنة والاتباع قام به أهل البدعة والمخالفة.