وهنا ملحوظتان نلفت الأنظار إليهما في هذا الموضوع :
الأولى: أن هناك الكثير من المصنفات الشرعية باللغة غير العربية -ومنها تفاسير القرآن- في بعض البيئات الإسلامية مثل البيئات المتحدثة بالأردية أو الفارسية؛ وهذه المصنفات ينبغي النظر إليها في إطار الترجمات؛ من حيث إن المصنف قد نقل المعاني والمصطلحات الشرعية الواردة في الكتاب والسنة من اللغة العربية إلى تلك اللغة، ولذا ينبغي اعتبارها عند النظر في الترجمات أو عند البحث في المناسب منها للنشر والتوزيع وعدم الاقتصار على ما ترجم من أصل عربي.
الثانية: إن البيئات الإسلامية المتحدثة باللغة غير العربية تتفاوت من حيث الكم والكيف المصنف أو المترجم بلغاتها من معاني القرآن الكريم، فما يوجد
-مثلاً- باللغة الصينية أقل بكثير مما كتب بالأردية، وما زال المتحدثون بالروسية بحاجة إلى ترجمة صحيحة تعتمد على التفسير(١٧)، وعليه ينبغي النظر في البيئات المحتاجة ومساندتها في هذا الباب وفق خطط مدروسة تبنى على الاستقراء لما هو موجود لديها من ترجمات معاني القرآن الكريم.
المبحث الثاني : مسائل في مفهوم الترجمة.
هناك مسائل هامة تتصل بالحديث عن مواصفات الترجمة ذات التأثير الدعوي الأكثر، لابد من تناولها ولو بشيء من الإيجاز؛ هذه المسائل هي: بيان المقصود بلفظة الترجمة: مفردة، ومضافة، والعلاقة بين التفسير والترجمة، ومدى لزوم التعبير المعاصر عن الترجمات، أي: بعبارة (ترجمة معاني القرآن)، وكلها متصلة بموضوع البحث كما سيتبين بإذن الله.
أولا : لفظة الترجمة مفردة ومضافة :
جاء في بعض كتب اللغة :
" الترجمان: المفسر للسان؛ وفي حديث هرقل: قال لترجمانه.
الترجمان بالضم والفتح هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى لغة أخرى والجمع التراجم والتاء والنون زائدتان وقد ترجمه، وترجم عنه " (١٨).
" والترجمان: المفسر "(١٩).