إن العبد الصالح إذا ظهرت على يديه كرامة من خوارق العادات تَكَتَّمَ عليها وخشي أن تظهر وتشتهر ولكن أن ظهرت واشتهرت حمد الله تعالى عليها ودعى الله أن لا يجعلها استدراجا. والفرق بين الكرامة والاستدراج أن تظهر الكرامة للعبد الصالح الملتزم بأحكام القرآن الكريم وسنة الرسول ﷺ. أما الاستدراج فهو ظهور خوارق للعادات على يد من لا يزيده ذلك إلى بعدا عن أحكام كتاب الله وسنة نبيه وفي ذلك يقول بعض الصالحين : إذا رأيت العبد يطير في الهواء ويسير على الماء ويخالف سنة من سنن النبي ﷺ فاعلم أنما يُسَوَّل له.
٦- عن سمرة بن جندب (٢٥) رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال:
" كل مُؤدِب يحب أن تؤتى مأدبته. ومأدبة الله القرآن فلا تهجروه".
رواه البيهقي
قال الله تعالى :﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْءَانَ مَهْجُورًا ﴾ (٢٦). والمأدُبة هي الوليمة أو الدعوة إلى الطعام الذي هو غذاء الجسد. ومأدبة الله تعالى هنا وفق هذا الحديث هي القرآن فهو غذاء الروح والنفس والله أنزل هذا القرآن هداية للبشر :﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ (٢٧). وما دام الله قد أنزله لذلك الغرض فهو يحب الاستجابة لتلك الدعوة ويكره الإعراض عنها، وهجران القرآن إعراض من دعوة الله إلى مأدبته جل وعلا.
إن هجران القرآن الحقيقي المذكور في سورة الفرقان هو هجران الكفار له لإعراضه عن الإيمان والتصديق لما جاب به وعن العمل. أما هجران التلاوة فهو الهجران المذكور في الحديث هذا. وقد حدد الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه حدود هجران القرآن بتلاوته أقل من مرتين في العام حيث أن رسول الله ﷺ راجعه جبريل القرآن في آخر رمضان صامه قبل وفاته مرتين كما سيأتي ذكر ذلك فيما بعد.
نتائج البحث
