وثواب الدعاء يكون إما بإجابة الدعاء الذي يسأله العبد أو بأن يصرف الله عنه ضررا أو يسوق له ما يقابه من جزاء حسن في هذه الحياة الدنيا وإما أن يؤخر الله ثواب ذلك إلى يوم القيامة فيعطيه من الحسنات أو يحط عنه من السيئات.
وأفضل الدعاء ما كان دعاء لمنفعة عامة للناس في أمر يخص آخرتهم مثل الدعاء للرسول ﷺ أن يؤتيه الله الدرجة الرفيعة العالية والشفاعة يوم القيامة فإن في ذلك نفع للبشر جميعا في أشد الساعات صعوبة وشدة.
ويلي تلك المرتبة من الدعاء ما كان دعاء خاصا لأمر يخص الآخرة مثل قول العبد اللهم اغفر لي ولوالدي. ثم يلي ذلك ما كان دعاء لمنفعة عامة يخص الدنيا مثل اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ورابع هذه الدرجات ما كان خاصا بالسائل ومتعلق بأمر دنيوي مثل قوله رب ارزقني. فلكل دعاء مرتبته من الثواب سواء أجيب كما طلب السائل أم لا. فالله يعطي المشغول بالقرآن وبذكر الله تعالى أفضل ما يعطي هؤلاء.
ويحدد هذا الحديث القدسي أمرا هاما يصلح أن يكون أساسا قويما لحياة المسلمين فإذا ما وضع المسلمون كلام الله تعالى فوق كلام الناس وفضلوه على ما سواه كانت أمور دنياهم بخير وأمور آخرتهم أفضل من ذلك ففضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه. وهذه هي المنزلة التي يجب على المسلمين أن يضعوا بها القرآن الكريم وأحكامه وأوامره. قال الله تعالى :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ (١٣).
وقال أيضا :﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (١٤).


الصفحة التالية
Icon