اختلف العلماء أيهما أفضل : القراءة من المصحف أم القراءة عن ظهر الغيب. قال بعض العلماء : المدار في هذه المسألة على الخشوع فإن كان الخشوع أكثر عند القراءة عن ظهر قلب فهو أفضل وإن كان عند النظر في المصحف أكثر فهو أفضل فإن استويا فالقراءة نظرا أولى لأنها أثبت وتمتاز بالنظر إلى المصحف. قال الشيخ أبو زكريا النواوي رحمه الله في التبيان : والظاهر أن كلام السلف وفعلهم محمول على هذا التفصيل وكان السلف يتعاهدون أطفالهم على حفظ كتاب الله تعالى. دخل الرحالة الشهير ابن بطوطة خلال رحلته في مالي على قاض مالي يوم العيد عام ١٣٥٢م فوجد أولاده في القيود فقال ألا تسرحهم فأجابه لا أفعل حتى يحفظوا القرآن كما مر ابن بطوطة في مالي بشاب حسن الصوت وعليه ثياب فاخرة وفي رجليه قيد ثقيل فسأل مرافقه عما ارتكبه هذا الشاب من جرم، وعلم أخيرا أنه قيد حتى ينتهي من حفظ القرآن.
ورغم أن أسلوب ربط القيود مما تَعافًه أنفسنا اليوم ولا تعتبره الأساليب التربوية الحديثة صحيحا، إلا أن هاتين القصتين توضحان مقدار حرص المسلمين في أقاصي إفريقيا وغيرها من بلاد المسلمين على تحفيظ أولادهم كتاب الله.
ومثل هذه المدارس التي يحفظ بها الأطفال القرآن منتشرة في كثير من المساجد في شتى بلاد المسلمين اليوم.
١٩- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله ﷺ بعثا وهم ذو عدد فاستقرأهم فقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن فأتى على رجل من أحدثهم سنا فقال :" ما معك يا فلان " ؟ فقال معي وكذا وسورة البقرة، قال :" أمعك سورة البقرة " ؟ قال نعم. قال :" إذهب فأنت أميرهم " فقال رجل من أشرفهم والله يا رسول الله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية أن لا أقوم بها، فقال رسول الله ﷺ :


الصفحة التالية
Icon