قال رسول الله ﷺ تبيانا للحلال والحرام :" الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مُشتبِهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه. ألا إن لكل ملك حِمى ألا وإن حِمى الله محارمه " (١٢). وهكذا فالحلال في القرآن بين والحرام كذلك بين فيه. أما الأمور المشتبهات فتعامل كما ورد في الحديث الأخير بالاجتناب خوفا من الوقوع في الحرام. وهكذا من فعل ذلك أدخله الله به الجنة وشفعه في أهل بيته.
الشفاعة ثابتة في القرآن والسنة وهذا الذي قد قرأ القرآن وعمل بما فيه فإنه يشفع لغيره بسبب فضله ومكانته عند الله تعالى وأولى من يشفع فيهم هم والداه لاستحقاقهم ذلك نتيجة تسببهما ذلك الفعل وإن لم يكونا من أهل القرآن وهذه الشفاعة لا تتم إلا بإذن الله تعالى لمن يشاء فيمن يشاء ولا شفاعة لمن لا يؤمن بالله ورسوله. وكما أن شفاعة الولد لوالديه حق فإن شفاعة الوالد لولده هي أيضا ثابتة في كتاب الله تعالى. فكما ذكر الله تعالى الدعاء للوالدين :﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ (١٣)، ذكر دعاء الوالد لذريته :﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ (١٤) وكذلك دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام :﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ ءَايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ (١٥)، هذا الدعاء في الدنيا وكذلك الشفاعة في الآخرى حيث يكونون أحوج إليها حينئذ. فالشفاعة حق للأنبياء والمرسلين وللقرآن والصيام والأعمال الصالحة ولعباد الله الصالحين وأوليائه المتقين.


الصفحة التالية
Icon