وأفضل القراءة هي في الصلاة قائما مع الترتيل والبكاء في جوف الليل خاليا فإن قرأ جالسا أو مضطجعا جاز ذلك وله فضل في ذلك أيضا ولكن أقل من الأول. قال الله تعالى :﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ (٧) وقد أثر عن رسول الله ﷺ تلاوة سورة وآيات وهو مضطجع قبل نومه.
كما أن تطهير الفم بالسواك مستحب وفق هذا الحديث فإن ترك تناول ما يعطي رائحة خبيثة للفم أمر مستحب أيضا فينبغي عدم تناول الفوم والبصل قبل تلاوة القرآن. والتدخين من الخبائث التي تعطي رائحة كريهة لفم المدخن فالإقلاع عنه مرضاة للرب مطهرة للفم وهو من هوى النفس الذي قال الله تعالى عنه :﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾(٨).
والحديث الشريف هذا يدل على ضرورة الاعتناء بالظاهر وفي الوقت نفسه الاهتمام بالباطن. فما أنزل الله تعالى القرآن إلا ليعمل به لكن مقدمة العمل هي التلاوة والتدبر ومن تلى وتدبر وعظم التلاوة فقد عمل بالقرآن نفسه أول ما تلى بل وقبل التلاوة وهكذا فإن الشريعة عموما تطالب بتحسين الظاهر والباطن على حد سواء ولا صحة لمن يدعي اهتمامها بجانب واحد هو سلامة الباطن متذرعا بحديث " إنما الأعمال بالنيات " (٩) فرغم صدق ذلك وان الحديث يعتبر أصلا عظيما من أصول الشريعة إلا أن الحديث لا بعطي حتى ولو إشارة إلى ترك الاعتناء بالظاهر وتركيز الاهتمام كله على الباطن. ولو كان الإسلام يعتني بتطهير الباطن فقط لما اشترط للصلاة قياما أو قعودا ولا ركوعا أو سجودا بل اكتفى بدعاء القلب فقط. وإن خير الأعمال ما اقترن فيه صدق الباطن بسلامة الظاهر.


الصفحة التالية
Icon