ومن جهة أخرى فإن من سهلت عليه التلاوة قتلك نعمة أنعمها الله تعالى عليه ينبغي عليه شكرها ومن كان فهم القرآن عليه سهلا ميسورا ترتبت على ذلك نعمة يجب عليه شكرها أيضا وليس أبلغ من شكر هذه النعمة من العمل بما فهَّمه الله تعالى وازدياد خشية الله تعالى :﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاؤُا﴾(٢٨).
٤٩- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال، رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إقرأ علي " قلت أقرأ عليك وعليك نزل ؟ قال :" إني أشتهي أن أسمعه من غيري".
قال فقرأت النساء حتى إذا بلغت ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا ْْْْ ﴾ (٢٩) قال لي " كف " أو " أمسك " فإذا عيناه تذرفان.
متفق عليه
يستدل من هذا الحديث استحباب سماع القرآن من الغير بشرط الإنصات والتدبر قال الله تعالى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (٣٠) وقال :﴿ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ﴾(٣١).
والبكاء لقراءة القرآن سنة وهو نتيجة لتدبر القرآن وخشية الله. قال تعالى :﴿ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ (٣٢) وفي الحديث الشريف :" عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"(٣٣).
قال أبو سعيد الخراز (٣٤) : إذا كان العبد مجموعا على الله تعالى لا ينصرف منه جارحة إلى غير الله عز وجل فعندها تقع له حقائق الفهم عند تلاوة كتاب الله عز وجل ( الذي ليس مع الخلق ). أي أن العبد إذا ركز فكره وجميع حواسه في فهم كلام الله تعالى أعطاه الله فهما أصيلا لكلامه خاصا به دون غيره من الناس.


الصفحة التالية
Icon