يؤخذ من هذا الحديث حرص رسول الله ﷺ على إكمال ورده اليومي حتى يقدِّمه على خروجه على قوم حديثي عهد بالإسلام قدموا المدينة كي يعلمهم دينهم. ورب قائل أليس اشتغال العلماء بالعلم ودراسته وتعليمه أفضل من العبادة ؟ وتلاوة القرآن ؟ والجواب على ذلك أن العلم لا يفيد بنفسه وبقوة حجة حامله فحسب بل بما يضع الله تعالى في قلب قائله وعلى لسانه من تقوى وما يفيض بواسطته من بركات. وهذه لا طريق لها إلا المزيد من خشية الله وعبادته وتلاوة القرآن. فهذا رسول الله ﷺ لم تلهه أعباء الرسالة السماوية وإبلاغها ( وما أثقل ذلك ) عن الالتزام بالأوراد وتلاوة القرآن وصلاة الليل حتى تورمت قدماه وحين يسأل عن ذلك يقول " أفلا أكون عبدا شكورا"(٤).
الأحزاب التي ذكرت في الشطر الثاني من الحديث والتي كان يدوام عليها عامة صحابة رسول الله ﷺ هي في اليوم الأول من البقرة إلى النساء أي ثلاث سور وفي اليوم الثاني خمس سور من المائدة إلى التوبة وفي اليوم الثالث سبع سور من بداية يونس حتى نهاية النحل وفي اليوم الرابع تسع سور من بداية الإسراء حتى نهاية الفرقان وفي اليوم الخامس من بداية الشعراء حتى نهاية يس وفي اليوم السادس من بداية الصافات حتى نهاية الحجرات وفي اليوم السابع من سورة ق حتى نهاية المصحف. وربما اختلف ذلك بعض الشيء من صحابي لآخر فقد روي عن عثمان بن عفان أنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد بيوسف إلى مريم وليلة الإثنين بطه حتى القصص وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص وليلة الأربعاء بالزمر إلى الرحمن ويختم ليلة الخميس.
ويتضح من ذلك حرص الصحابة رضوان الله عليهم على حتم القرآن كل أسبوع.
٥٤- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:


الصفحة التالية
Icon