٥- عن أسيد بن حضير (٢٢) رضي الله عنه قال بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس فسكت فسكنت فقرأ فجالت الفرس فسكت وسكنت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما اجتَرَّهُ رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها فلما أصبح حدث النبي ﷺ فقال له :" اقرأ يا ابن حضير اقرأ يا ابن حضير " قال : فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحي وكان منها قريبا فرفعت رأسي فانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فخرجت حتى لا أراها قال :" وتدري ما ذاك ؟ " قلت لا قال:
" تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت يَنظُر الناس إليها لا تتوارى منهم".
رواه البخاري (٢٣)
قال الله تعالى :﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(٢٤).
إن أثر القرآن لا ينحصر على من يعقله من البشر بل إن الجبال لتخشع من كلام الله تعالى وإن الحيوانات لَتُحِس بأثره ولكن ذلك لا يظهر للناس إلا بكرامة خارقة للعادة يُظهرها الله تعالى لمن يشاء من عباده مثل ما حصل لأسيد بن حضير في هذا الحديث.
والكرامات لأولياء الله الصالحين حق وصدق شأنها شأن المعجزات للأنبياء والمرسلين. لكن كما هو واضح من هذا الحديث أن الله يظهرها حين يشاء لمن يشاء من غير أن يطلبها العبد الصالح فهي نعمة من الله لتثبيت المؤمنين لكي يزدادوا إيمانا لا ليغتروا أو يُعجبوا بأنفسهم وكأنهم هم الذين صنعوها.


الصفحة التالية
Icon