مثاله قوله تعالى: ﴿ قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ (١).
فالشافعي - رضي الله عنه -يرى أن الحصر فِي هَذِهِ الآية غير مراد، فَقَالَ :(( إن الكفار لما حرّموا ما أحلّ الله وأحلّوا ما حرّم الله وكانوا عَلَى المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قَالَ: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلاً منزلة من يَقُول : لا تأكل اليوم حلاوة فَتَقُول : لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات عَلَى الحقيقة، فكأنه قَالَ: لا حرام إلا ما احللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله بِهِ، ولم يقصد حلّ ما وراءه إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل)) (٢).
تخصيص الحكم بالسبب عِنْدَ مَن يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
معرفة من نزلت فِيهِ الآية عَلَى التعيين حَتَّى لا يشتبه بغيره.
تيسير الحفظ وتسهيل الفهم، ولا ريب أن ربط الحكم بحادثة يسهّل حفظها وحفظ حكمها وفهمه أكثر مِنْ غيرها.
المبحث الرابع
كيفية معرفة أسباب النزول وصيغه
الطريق إِلَى مَعْرِفَة أسباب النزول هُوَ النقل الصَّحِيْح لَيْسَ غير، ومن هنا يقول الواحدي :(( ولا يحل القول فِي أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا عَلَى الأسباب، وبحثوا عن علمها وجدّوا فِي الطلاب، وَقَد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار فِي هذا العلم بالنار )) (٣).
(٢) البرهان في علوم القرآن ١/٢٣.
(٣) أسباب نزول القرآن.