وقول الصحابي فِي شيء مِنْ هذا العلم مِنْ المرفوع حكماً، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الحافظ أبو عمرو بن الصلاح فَقَالَ: (( ما قيل مِنْ أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذَلِكَ فِي تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر بِهِ الصحابي أو نحو ذَلِكَ )) (١).
وسبقه الحاكم أبو عَبْد الله، فبعد أن ساق حديثاً عن جابر فِي سبب نزول آية قَالَ: (( هذا الحَدِيْث وأشباهه مسندة عن آخرها وليست بموقوفة، فإن الصحابي الَّذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عَن آية من القرآن أَنَّهَا نزلت فِي كَذَا وكذا، فإنه حَدِيث مسند)) (٢). وعقب الزَّرْكَشِيّ عَلَى كلام ابن الصَّلاَح قائلاً :(( ما اختاره فِي تفسير الصَّحَابِيّ سبقه إِلَيْهِ الْخَطِيْب وكَذَلِكَ الأستاذ أبو مَنْصُور البغدادي، قَالَ : إذا أخبر الصَّحَابِيّ عَن سبب وقع فِي عهد النَّبْيّ - ﷺ - أو أخبر عَنْ نزول آية فِيهِ فذلك مسند)) (٣).
وإن كَانَ سبب النزول مرسلاً أي لَمْ يذكر فِيهِ الصحابي، فاشترط السيوطي لقبوله شرطين بعد صحة سنده :
الأول : أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة.
الثاني : أن يرد لَهُ شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً (٤).
أما صيغ التعبير عن سبب النزول فقد اختلفت أساليبهم فِي التعبير عَنْهُ فتارة يعبرون بقولهم:(( سبب نزول الآية كذا ))، وهذا التعبير نَصٌّ فِي السببية ولا يحتمل غيره(٥).

(١) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث : ١٢٤ بتحقيقنا.
(٢) معرفة علوم الحَدِيْث : ٢٠.
(٣) نكت الزَّرْكَشِيّ على ابن الصلاح ١/٤٣٤.
(٤) التحبير فِيْ علم التفسير : ١٧٤.
(٥) مناهل العرفان ١/١١٤.


الصفحة التالية
Icon