قَالَ الزرقاني :(( قَد يكون أمر واحد سبباً لنزول آيتين أو آيات متعددة - عَلَى عكس ما سبق - ولا مانع من ذَلِكَ، لأنه لا ينافي الحكمة فِي إقناع الناس، وهداية الخلق، وبيان الحق عِنْدَ الحاجة، بل أنه قَد يكون أبلغ فِي الإقناع وأظهر فِي البيان)) (١).
ومثال ذَلِكَ ما رَوَاه الترمذي(٢) والحاكم(٣) عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله: لا أسمع الله ذكر النساء فِي الهجرة بشيء، فأنزل الله :(( فاستجاب لهم ربهم…عنده حسن الثواب )).
وأخرج الحاكم(٤) عنها أنها قالت : قلت يا رسول الله، تذكر الرجال ولا تذكر النساء فأنزلت :﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات… ﴾ (٥) وأنزلت ﴿ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ﴾ (٦).
وأخرج الحاكم (٧) عنها أنها قالت :(( تغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث، فأنزل الله :﴿ وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ (٨)
وأنزل :﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات ﴾.
الفصل الرابع / دراسة الكتاب
المبحث الأول : أهمية الكتاب
تبرز أهمية كتاب الواحدي فِي أسباب نزول القرآن من حيث كونه أجمع الكُتُب فِي هَذَا الباب، إذ جمع فِيهِ أسباب النزول لأكثر من (٥٠٠) آية ما بَيْنَ سبب مسند أو معلق.
قَالَ السيوطي :(( وَمن أشهر كتب الأسباب كتاب الواحدي عَلَى ما فِيهِ من
اعواز )) (٩).
(٢) التِّرْمِذِيّ ( ٣٠٢٣ ).
(٣) الحَاكِم ٢/٣٠٠.
(٤) الحَاكِم ٢/٤١٦.
(٥) الأحزاب : ٣٥.
(٦) آل عمران : ١٩٥.
(٧) الحَاكِم ٢/٣٠٥.
(٨) النساء : ٣٢.
(٩) الإتقان ١/١٤٠.