وَهُوَ بهذا يحصر معرفة أسباب نزول القرآن بالصحابة رضوان الله تَعَالَى عَلَيْهِمْ أجمعين، إذ هم الَّذِينَ شاهدوا التنزيل وعرفوا الأسباب، ولذا وغيره انصب جهد الواحدي عَلَى الإكثار مِنْ إيراد أقوال الصَّحَابَة، لا سيما من أكثر مِنْهُمْ من ذَلِكَ كابن عَبَّاس وغيره. وفيما يتصل بنقله لأقوال ابن عَبَّاس نجد أنَّهُ يورد أقواله المتعارضة في سبب نزول إحدى الآيات إذا كَانَ لَهُ أكثر من قَوْل، ويؤكد فِي هَذِهِ الحالة عَلَى تعيين من رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ، فَيَقُوْلُ: (( قَالَ ابن عَبَّاس فِي رِوَايَة فُلاَن عَنْهُ )) ويسوق السبب، ثُمَّ يَقُوْل (( وَقَالَ فِي رِوَايَة فُلاَن )) ثُمَّ يسوق السبب الآخر. وَقَد يورد القول الأول بإسناده، ثُمَّ يعقبه بقوله :((ويروى عن ابن عَبَّاس …)) ويذكر خلاف ما ذكره فِي القول المُسْنَد، وربما عكس الأمر.
وإلى جانب ذَلِكَ اهتم الواحدي بأقوال التابعين، كونهم أخذوا ذَلِكَ عن الصحابة الكرام، ولغلبة الظن بأن ذَلِكَ التابعي إنما حكى تلك الحادثة بعد أخذه لها عن الصحابة، وَهُوَ الَّذي دعا العلماء إلى قبول رواية التابعي فِي أسباب النزول بشروط معينة.
وَمن الَّذِيْنَ أكثر الواحدي من نقل أسباب نزول القرآن عَنْهُمْ : مجاهد وعكرمة
والضحاك وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وكذلك الزهري وقتادة والمُقَاتِلَينِ.
بل أبعد فضمّ أقوال أتباع التابعين ممن كانت لَهُ عناية بجمع التفسير كمحمد بن السائب الكلبي وإسماعيل بن عَبْد الرحمان السدي الكبير، ومحمد بن مروان السدي الصغير. وكذلك لَمْ يغفل النقل عن كتب المغازي التي أوردت تلك الأسباب لا سيما كتاب المغازي لمحمد بن إسحاق صاحب السيرة.
وفي كل ذَلِكَ نجد الواحدي ينقل تلك الأقوال بسنده إلى أصحابها، وتارة ينقلها معلقة مِنْ غير ذكر للسند.


الصفحة التالية
Icon