: إن مَقِيس بن صُبابَة (١) وجد أخاه هشام بن صبابة قتيلاً في بني النَّجار، وكان مسلماً، فأتى رسول الله - ﷺ - فذكر ذَلِكَ لَهُ (٢)، فأرسل رسول الله - ﷺ - معه رسولاً من بني فِهر(٣) فقال لَهُ: ((ائت بني النجار، فاقرئهم السلام وقل لهم : إن رسول الله - ﷺ - يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صبابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصَّ منه، وإن لم تعلموا له قاتلاً (٤) أن تدفعوا إليه ديته )). فأبلغهم الفهري (٥) ذَلِكَ عن النبي - ﷺ - فقالوا : سمعاً وطاعةً لله ولرسوله، والله ما نعلم له قاتلاً، ولكنا (٦) نؤدي إليه ديته. فأعطوه مئةً من الإبل. ثُمَّ انصرفا راجعَين نحو المدينة، وبينهما وبين المدينة /٤٧ب/قريب، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فَقَالَ : أيّ شيءٍ صنعت ؟ تقبل دية أخيك فيكون عليك سبةٌ (٧) ؟ اقتل الَّذِي معك فيكونَ نفسٌ (٨) مكان نفسٍ وفضل الدية ! ففعل ذَلِكَ مقيسٌ (٩)، فرمى الفهري بصخرةٍ فشدخ رأسه، ثُمَّ ركب بعيراً مِنْهَا وساق بقيتها راجعاً إِلَى مكة كافراً، وجعل يَقُوْل في شعره.
قَتَلتُ بهِ فهراً وحَمَّلْتُ عَقْلَهُ | سَرَاةَ بَني النَّجَارِ أرْبَابِ فَارِعِ (١٠) |
وأدْرَكْتُ ثأري واضطَجَعْتُ مُوسَّداً | وَكُنْتُ إلى الأوثَانِ أولَ راجِعِ |
(٢) في ( س ) و ( ه) :(( لَهُ ذلك )).
(٣) في (ه) :(( بني فهد )).
(٤) في (ه) :(( قتيلاً )).
(٥) في (ه) :(( الفهدي )).
(٦) في ( س ) :(( لَكِنْ )).
(٧) في ( ب ) :(( مسبة )) وإلى ذَلِكَ أشار ناسخ ( ص ) في الحاشية.
(٨) سقطت من ( ب ).
(٩) في ( س ) و ( ص ) :(( مقيس ذَلِكَ )).
(١٠) سيرة ابن هشام ٣/٣٠٦.