وقال السّديّ (١) : لما حضرت أبا طالب الوفاة، قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل، فلنأمرنه (٢) أن ينهى عنا ابن أخيه، فإنا نستحي أن نقتله بعد موته، فتقول العرب : كان يمنعه فلما مات قتلوه ! فانطلق أبو سفيان، وأبو جهل، والنَّضر بن الحارث، وأُمية وأُبيّ ابنا خلف، وعقبة بن أبي مُعيْط، وعمرو بن العاص، والأسود بن البَختري ؛ إِلَى أبي طالبٍ فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا، وإن مُحَمَّداً قَدْ آذانا وآذى آلهتنا، فنحب أن تدعوه فتنهاه عَن ذَكَرَ آلهتنا، ولندعه وإلهه، فدعاه فجاء النَّبِيّ - ﷺ - فَقَالَ لَهُ أبو طَالِب : هَؤُلاَءِ قومك وبنو عمك، فَقَالَ رَسُول الله - ﷺ - :(( ماذا تريدون ؟ )) قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك. فَقَالَ أبو طالب : قد أنصفك قومك فاقبل منهم. فَقَالَ رَسُول الله - ﷺ - :(( أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم مُعْطِيَّ كلمةً إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم؟ )) قال أبو جهل: نعم وأبيك لنعطينكها(٣) وعشر أمثالها فما هي ؟ قال :((قولوا :" لا إله إلا الله ")). فأبوا واشمأزوا. فقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ؛ فإن قومك قد فزعوا منها. فقال :(( يا عم، ما أنا بالذي أقول غيرها، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها ))، فقالوا : لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(٢) فِي ( س ) و ( ه) :(( فلنأمره )).
(٣) فِي ( ب ) :(( لنعطينكها وأبيك )) بالتقديم.