وهو نائب عن إنبات، وقيل التقدير فنبتت نباتا، والنبت والنبات بمعنى، وقد يعبر بهما عن النابت، وتقبلها: أي قبلها، ويقرأ على لفظ الدعاء في تقبلها وأنبتها وكفلها وربها بالنصب: أي ياربها، و (زكريا) المفعول الثاني، ويقرأ في المشهور كفلها بفتح الفاء، وقرئ أيضا بكسرها وهى لغة، يقال كفل يكفل مثل علم يعلم، ويقرأ بتشديد الفاء والفاعل الله وزكريا المفعول، وهمزة زكريا للتأنيث إذ ليست منقلبة ولا زائدة للتكثير ولا للإلحاق، وفيه أربع لغات: هذه إحداها، والثانية القصر، والثالثة زكرى بياء مشدد من غير ألف، والرابعة زكر بغير ياء (كلما) قد ذكرنا إعرابه أول البقرة، و (المحراب) مفعول دخل، وحق " دخل " أي يتعدى بفى أو بإلى لكنه اتسع فيه فأوصل بنفسه إلى المفعول، و (عندها) يجوز أن يكون ظرفا لوجد وأن يكون حالا من الرزق وهو صفة له في الأصل: أي رزقا كائنا عندها ووجد المتعدى إلى مفعول واحد وهو جواب كلما.
وأما (قال يا مريم أنى لك) فهو مستأنف فلذلك لم يعطفه بالفاء ولذلك (قالت هو من عند الله) ولايجوز أن يكون قال بدلا من وجد، لأنه ليس في معناه، ويجوز أن يكون التقدير فقال فحذف الفاء كما حذفت في جواب الشرط كقوله " وإن أطعتموهم إنكم " وكذلك قول الشاعر: * من يفعل الحسنات الله يشكرها * وهذا الموضع يشبه جواب الشرط، لأن كلما تشبه الشرط في اقتضائها الجواب
(هذا) مبتدأ وأنى خبره، والتقدير من أين ولك تبيين ؟ ويجوز أن يرتفع هذا بلك وأنى ظرف للاستقرار.
قوله تعالى (هنا لك) أكثر ما يقع هنا ظرف مكان وهو أصلها، وقد وقعت هنا زمانا فهى في ذلك كعند فإنك تجعلها زمانا وأصلها المكان كقولك أتيتك عند طلوع الشمس، وقيل هنا مكان: أي في ذلك المكان دعا زكريا والكاف حرف للخطاب وبها تصير هنا للمكان البعيد عنك، ودخلت اللام لزيادة البعد وكسرت على أصل التقاء الساكنين هي والألف قبلها، وقيل كسرت لئلا تلتبس بلام الملك، وإذا حذفت الكاف فقلت هنا للمكان والحاضر في هنا دعا (قال) مثل قال أنى لك (من لدنك) يجوز أن يتعلق بهب لى فيكون من لابتداء غاية الهبة، ويجوز أن يكون في الأصل صفة ل (ذرية) قدمت فانتصبت على الحال، و (سميع) بمعنى سامع.