نفسا هنا في معنى الجنس، فصار كدرهما في قولك: عندي عشرون درهما (فكلوه) الهاء تعود على شئ، والهاء منه تعود على المال لأن الصدقات مال (هنيئا) مصدر جاء على فعيل، وهو نعت لمصدر محذوف: أي أكلا هنيئا، وقيل هو مصدر في موضع الحال من الهاء، والتقدير: مهنأ أو طيبا و (مريئا) مثله والمرئ فعيل بمعنى مفعل، لإنك تقول: أمرأنى الشئ إذا لم تستعمله مع هناني فإن قلت هناني ومرانى لم تأت بالهمزة في مرانى لتكون تابعة لهنانى.
قوله تعالى (أموالكم التى) الجمهور على إفراد التى لأن الواحد من الإموال مذكر، فلو قال اللواتى لكان جمعا كما أن الإموال جمع، والصفة إذا جمعت من أجل أن الموصوف جمع كان واحدها كواحد الموصوف في التذكير والتأنيث، وقرئ في الشاذ اللواتى جمعا اعتبارا بلفظ الإموال (جعل الله) أي صيرها فهو متعد إلى مفعولين والأول محذوف وهو العائد، ويجوز أن يكون بمعنى خلق فيكون قياما حالا (قياما) يقرأ بالياء والألف وهو مصدر قام والياء بدل من الواو، وأبدلت منها لما أعلت في الفعل وكانت قبلها كسرة، والتقدير: التى جعل الله لكم سبب قيام أبدانكم: أي بقائها ويقرأ قيما بغير ألف وفيه ثلاثة أوجه: أحدها أنه مصدر مثل الحول والعوض، وكان القياس أن تثبت الواو لتحصنها بتوسطها كما صحت في الحول والعوض، ولكن أبدلوها ياء حملا على قيام على اعتلالها في الفعل.
والثانى أنها جمع قيمة كديمة وديم.
والمعنى: أن الأموال كالقيم للنفوس إذ كان بقاؤها بها.
وقال أبو على: هذا لا يصح لأنه قد قرئ في قوله " دينا قيما ملة إبراهيم " وفى قوله " الكعبة البيت الحرام قيما " ولا يصح معنى القيمة فيهما.
والوجه الثالث أن يكون الأصل قياما، فحذفت الألف كما حذفت في خيم.
ويقرأ " قواما " بكسر القاف وبواو وألف، وفيه وجهان: أحدهما هو مصدر قاومت قواما مثل لاوذت لواذا،
فصحت في المصدر لما صحت في الفعل، والثانى أنها اسم لما يقوم به الأمر وليس بمصدر ويقرأ كذلك إلا أنه بغير ألف، وهو مصدر صحت عينه وجاءت على الأصل كالعوض ويقرأ بفتح القاف وواو وألف.
وفيه وجهان: أحدهما هو اسم للمصدر مثل السلام والكلام والدوام، والثانى هو لغة في القوم الذى هو بمعنى القامة، يقال: جارية حسنة القوام والقوام، والتقدير التى جعلها الله سبب بقاء قاماتكم (وارزقوهم فيها) فيه وجهان: أحدهما أن " في " على أصلها، والمعنى اجعلوا لهم فيها رزقا، والثانى أنها بمعنى من.