تكون زوجا، وأن يريد أن يستبدل بها كما استبدل بالأولى، فجمع على هذا المعنى.
وأما الإشكال الثاني ففيه جوابان: أحدهما أنه وضع الظاهر موضع المضمر، والاصل آتيتموهن، والثانى أن المستبدل بها مبهمة فقال " إحداهن " إذ لم تتعين حتى يرجع الضمير إليها، وقد ذكرنا نحوا من هذا في قوله " فتذكر إحداهما الاخرى " (بهتانا) فعلان من البهت، وهو مصدر في موضع الحال، ويجوز أن يكون مفعولا له.
قوله تعالى (وكيف تأخذونه ؟) كيف في موضع نصب على الحال، والتقدير: أتأخذونه جائرين ؟ وهذا يتبين لك بجواب كيف.
ألا ترى أنك إذا قلت كيف أخذت مال زيد ؟ كان الجواب حالا تقديره: أخذته ظالما أو عادلا ونحو ذلك، وأبدا يكون موضع كيف مثل موضع جوابها (وقد أفضى) في موضع الحال أيضا (وأخذن) أي وقد أخذن لأنها حال معطوفة والفعل ماض فتقدر معه قد ليصبح حالا، وأغنى عن ذكرها تقدم ذكرها (منكم) متعلق بأخذن، ويجوز أن يكون حالا من ميثاق.
قوله تعالى (ما نكح) مثل قوله " فانكحوا ما طاب لكم " وكذلك " إلا ما ملكت أيمانكم " وهو يتكرر في القرآن (من النساء) في موضع الحال من " ما " أو من العائد إليها (إلا ما قد سلف).
في " ما " وجهان: أحدهما هي بمعنى من وقد ذكر.
والثانى هي مصدرية والاستثناء منقطع، لأن النهى للمستقبل، وماسلف ماض فلا يكون من جنسه وهو في موضع نصب، ومعنى المنقطع أنه لا يكون داخلا في الأول بل يكون في حكم المستأنف وتقدر إلا فيه بلكن، والتقدير هنا: ولا تتزوجوا من تزوجه آباؤكم، ولا تطئوا من وطئه اباؤكم لكن ما سلف من ذلك فمعفو عنه، كما تقول: ما مررت برجل إلا بامرأة: أي لكن مررت بامرأة، والغرض منه بيان معنى زائد، ألا ترى أن قولك ما مررت برجل صريح في نفى المرور برجل ما غير متعرض بإثبات المرور بامرأة أو نفيه، فإذا قلت إلا بامرأة كان إثباتا لمعنى مسكوت عنه غير معلوم
بالكلام الأول نفيه ولا إثباته (إنه) الهاء ضمير النكاح (ومقتا) تمام الكلام ثم يستأنف (وساء سبيلا) أي وساء هذا السبيل من نكاح من نكحهن الآباء، وسبيلا تمييزه، ويجوز أن يكون قوله " وساء سبيلا " معطوفا على خبر كان، ويكون التقدير: مقولا فيه ساء سبيلا.
قوله تعالى (أمهاتكم) الهاء زائدة، وإنما جاء ذلك فيمن يعقل، فأما ما لا يعقل فيقال: أمهات البهائم، وقد جاء في كل واحد منهما ما جاء في الآخر قليلا، فيقال: