ثم قال، وهي المسألة الرابعة ﴿ واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ﴾ : المعنى تذلل لهما تذليل الرعية للأمير، والعبيد للسادة، وضرب خفض الجناح ونصبه مثلا لجناح الطائر حين ينتصب بجناحه لولده أو لغيرهم من شدة الإقبال.
والذل هو اللين والهون في الشيء.
ثم قال، وهي المسألة الخامسة :﴿ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ﴾ : معناه : ادع لهما في حياتهما وبعد مماتهما بأن يكون البارئ يرحمهما كما رحماك، وترفق بهما كما رفقا بك، فإن الله هو الذي يجزي الوالد عن الولد، إذ لا يستطيع الولد كفاء على نعمة والده أبدا.
وفي الحديث الصحيح :﴿ لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه ﴾، معناه يخلصه من أسر الرق كما خلصه من أسر الصغر، وينبغي له أن يعلم أنهما ولياه صغيرا جاهلا محتاجا، فآثراه على أنفسهما، وسهرا ليلهما وأناماه، وجاعا وأشبعاه، وتعريا وكسواه، فلا يجزيهما إلا أن يبلغا من الكبر إلى الحد الذي كان هو فيه من الصغر، فيلي منهما ما وليا منه، ويكون لهما حينئذ عليه فضل التقدم بالنعمة على المكافئ عليها ".
(٥). حق ذي القربة :
قوله تعالى :﴿ وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا وإما تعرضن عنهم ابتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا ﴾.
المسألة الأولى : تبين لنا هذه الآية الكريمة حكم حق ذوي القربى وأكد الله سبحانه وتعالى حق ذي القربى، بعد أن وصى ببر الوالدين، وبعد بر الوالدين ثنى التوصية بذي القربى عموما، وأمر بتوصيل حقه إليه من صلة رحم، وأداء حق من ميراث وسواه.
المسألة الثانية : المسألة الثانية : قوله تعالى ﴿ والمسكين وابن السبيل ﴾ : ولهم حقان :
أحدهما : أداء الزكاة، والثاني : الحق المفترض من الحاجة عند عدم الزكاة، أو فنائها، أو تقصيرها من عموم المحتاجين.