وفى القرآن الكريم نقرأ قوله عز وجل:"يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حَذَرَ الموت" (البقرة/ ١٩)، والمقصود أن كلا منهم يضع طرف إصبع واحدة من أصابعه عند فتحة الأذن، لا في داخلها. ونقرأ: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة" (البقرة/ ٣٠)، وطبعا لم يجعل المولى الإنسان خليفة في الأرض، أي في باطنها، بل على سطحها. ونقرأ: "وأُشْرِبوا في قلوبهم العِجْل بكفرهم" (البقرة/ ٩٣)، وليس المقصود العجل نفسه بل عبادته، وهى لا تُشْرَب ولا تدخل في القلب بالمعنى الذي نعرفه. ونقرأ: "قل: أتحاجّوننا في الله، وهو ربنا وربكم" (البقرة/ ١٣٩)، أي أتحاجّوننا بشأن الله؟ ونقرأ:"قد نرى تقلُّب وجهك في السماء، فلنولينَّك قِبْلَةً ترضاها" (البقرة/ ١٤٤)، أي صوب نواحي السماء، وليس في السماء فعلا. ونقرأ: "ليس البِرَّ أن تُوَلُّوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب، ولكن البِرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حُبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب" (البقرة/ ١٧٧)، والإنسان لا ينفق ماله في الرقاب، بل يعتق به الرقاب. ونقرأ: "يا أيها الذين آمنوا، كُتِب عليكم القِصَاص في القتلى" (البقرة/ ١٧٨)، أي مقابل جريمة القتل وتعويضا لأهل القتيل. ونقرأ: "وإذا تولَّى سَعَى في الأرض ليُفْسِد فيها" (البقرة/ ٢٠٥)، أي فوقها. ونقرأ:"هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظُلَلٍ من الغمام والملائكةُ وقُضِيَ الأمر؟" (البقرة/ ٢١٧)، أي يقع بهم عقاب الله في هيئة ظلل من الغمام. ونقرأ: "والذين يُتَوَفَّوْن منكم ويَذَرُون أزواجا وصيةً لأزواجهم متاعًا إلى الَحْول غيرَ إخراج. فإن خرجن فلا جُناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف" (البقرة/ ٢٣٤)، أي فعلن بأنفسهن. ونقرأ: "وكتبنا له في الألواح من كل شيءٍ موعظةً وتفصيلاً لكل شيء" (الأعراف/ ١٤٥)، أي على الألواح. ونقرأ: "وإذ يُريكموهم إذ
التقيتم في أعينكم قليلا ويقلِّلكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا" (الأنفال/ ٤٤)، أي أمام أعينكم وأعينهم. ونقرأ: "يا أيها النبي، قل لمن في أيديكم من الأسرى..." (الأنفال/ ٧٠)، ولا يمكن إنسانا أن يكون في يد إنسان آخر بالمعنى الحرفي كما هو واضح. ونقرأ: "الذين كانت أعينهم في غطاءٍ عن ذِكْرِي" (الكهف/ ١٠١)، والعيون لا تكون في الغطاء، بل تحت الغطاء. ونقرأ: "وأَذِّنْ في الناس بالحج يأتوك رجالا" (الحج/ ٢٧)، أي أذِّن بحيث يسمعك الناس. ونقرأ: "... وتقلُّبك في الساجدين" (الشعراء/ ٢١٩)، أي معهم. ونقرأ:"فإذا أُوذِيَ في الله جَعَل فتنة الناس كعذاب الله" (العنكبوت/ ١٠)، أي أُوذِىَ بسبب إيمانه بالله. ونقرأ: "لقد كان لسبإٍ في مسكنهم آيةٌ: جنتان عن يمينٍ وشِمال" (سبأ/ ١٥)، والجنتان لم تكونا في مساكن سبإ، بل حولها أو قريبا منها. "أَوَمَنْ يُنَشَّا في الحِلْيَة وهو في الخصام غير مُبِين؟" (الزخرف/ ١٨)، والنساء لا ينشأن في الحلية بل مرتديات لها ومستمتعات بها. ونقرأ: "إن المتقين في جنّات ونَهَر" (القمر/ ٩٤)، والمتقون في الآخرة سيكونون فعلا في الجِنَان، لكنهم بكل تأكيد لن يكونوا في الأنهار، بل ستجرى الأنهار في الجِنَان. ونقرأ: "في سِدْرٍ مخضود" (الواقعة/ ٢٨)، وهم لن يكونوا في الجنة في شجر السِّدْر، بل سيأكلون منه. ونقرأ: "أولئك كَتَب في قلوبهم الإيمان" (المجادلة/ ٢٢)، ولا كتابة في القلوب بالمعنى الظاهرى بطبيعة الحال ولا حتى فوقها. ونقرأ:"ثم في سلسلةٍ ذَرْعُها سبعون ذراعا فاسلكوه" (الحاقة/ ٣٢)، أي اربطوه بها. ونقرأ: "في جِيدها حبلٌ من مَسَد" (المسد/ ٥)، أي حَوْل جيدها... وهكذا.
وفى الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى أمثلة كثيرة على ما نقول، وهو أمر طبيعي، فهذه هي طبيعة اللغة، سواء في كتاب الله أو في كلام أهل الكتاب أو في أي كلام آخر. وهذه بعض الأمثلة من الكتاب المذكور: " كل شجر البرية لم يكن بعد في الارض" (تكوين/ ٢/ ٥)، " وكان قايين