"وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الروم: ٢٤)
"فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الروم: ٥٠)
"وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ" (فاطر: ٩)
"وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (الجاثية: ٥)
"اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (الحديد: ١٧)
ولا بد لنا من معرفة الفرق بين التعبيرين لنصل إلى سبب اختلافه في الموقفين
(بعد موتها) تعبير احتمالي، يحتمل البعدية القريبة والبعدية البعيدة، فقد يكون إحياء الأرض بعد ساعة أو بعد شهر أو بعد سنة أو أكثر من بدء موتها
أما التعبير (من بعد موتها) فإن (من) فيه لابتداء الغاية، والمعنى أنه يحييها رأسا بعد الموت
فهو دال على البعدية القريبة قطعا، وهو أدل على القدرة لأنه لا يحتاج إلى زمن ليحييها، بل هو قادر على إحياء الميت لحظة موته ولا يحتاج إلى زمن لإعادته
ولنعد لننظر إلى سياق المواقف التي وردت فيها الآيات لنتلمس سبب تخصيص كل سياق بتعبير منهما، فنجد أن سورة العنكبوت كان سياقها في محاكمة المشركين من ناحية عقلية: "وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّن نَّزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ "
ثم جاء هذا السؤال عن إحياء الأرض، وهم قد أقروا بقدرة الله البالغة في الأسئلة السابقة
وهذا السؤال يقول إنه يحيي الأرض بعد موتها مباشرة بلا مهلة، فهي قدرة بالغة (قل الحمد لله). هل هذا يدعوكم إلى الشرك، لذلك قال :(بل أكثرهم لا يعقلون) فنفى عنهم العقل لأن هذا يُعقَل حتى دون علم، فالعقل المجرد يهديهم إلى أن الله واحد لا شريك له، فنعى عليهم عدم استعمال العقول، وقبل هذا جاء أيضا في السورة نفسها قوله تعالى: "وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ "
السؤال الثامن : معدودة ومعدودات
قال تعالى: "وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة: ٨٠)
وقال سبحانه: "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ) (آل عمران: ٢٤)
فلماذا عبّر في الأولى عن مدة مس النار بالأيام المعدودة، وعبر في الثانية بالأيام المعدودات؟
ج: جمع غير العاقل إن كان بالإفراد يكون أكثر من حيث العدد من الجمع السالم كأنهار جارية وأنهار جاريات، فالجارية أكثر من الجاريات، ومثلها شاهقة وشاهقات فالعدد في الأولى أكثر، وجمع السالم قلة
فهذه من المواضع التي يكون فيها المفرد أكثر من الجمع.
قال في آية أخرى عن يوسف عليه السلام: "وشروه بثمن بخس دراهم معدودة" أي أكثر من ١١ درهما، ولو قال معدودات لكان ت أقل.
وفي الآيتين المتقدمتين قال في الأولى (أياما معدودة) وفي الثانية (أياما معدودات) لأن الذنوب التي ذُكرت في الأولى أكثر فجاء بمعدودة التي تفيد الكثرة، والتي ذكرت في الثانية أقل فاستعمل (معدودات) مناسبة لمعنى كل منهما.
السؤال التاسع
لماذا قال تعالى في سورة القارعة: "وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ٥"
وقال في المعارج:"وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ٩ "
فوصف الجبال في الأولى بالعهن المنفوش، وقصر الوصف على العهن في الآية الثانية؟
ج: الرد من كتاب الدكتور فاضل (لمسات بيانية) في منتصف هذه الصفحة
السؤال العاشر
قال الله تعالى في الوضوء: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ٦" ـ المائدة