٨. قال تعالى في ابني آدم :﴿ فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ﴾ المائدة.. ثم قال بعد ذلك ﴿ من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا ﴾.. المائدة.. الفترة الزمنية بين ابني آدم وبني إسرائيل طويلة جدا.. فلماذا اختص القرآن بني إسرائيل هنا بهذا الحكم.. علما أنه حكم قائم في كل أمة من الأمم الكتابية.. ؟؟؟ ذلك لأن بني إسرائيل أمة قد اتصفت بالقتل وسفك الدماء حتى كأنهم قد جبلوا على هذا الأمر أو كأن القتل صار سجية من سجاياهم وميزة امتازوا بها ليس في القرون الخالية وحسب بل على امتداد تاريخهم وحتى في الوقت الحاضر.. فقد امتدت أيديهم قديما حتى على أنبيائهم فقال تعالى:﴿ ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ﴾ آل عمران وعليها أخذ الله ميثاقهم :﴿ وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ﴾البقرة.. ثم قال تعالى فيهم :﴿ ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان ﴾البقرة.. لذلك جاء هذا الحكم الحق ليدمغ بطلان النفس وفجورها عند بني إسرائيل..
٩. قال تعالى في الأعراف :﴿ قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار ﴾ وقال فيها أيضا :﴿ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والإنس ﴾ وقال تعالى في سور الرحمن ﴿ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا ﴾ وقال تعالى في الإسراء:﴿قل لأن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا﴾.. يلاحظ في الآيات التي سبقت آية الإسراء أنه تعالى قد ذكر الجن مقدم على الإنس بينما أخرها على الإنس في الإسراء } لماذا. ؟؟؟
إذا علمنا أن الجن مخلوقون قبل الإنس عرفنا لماذا قدم الحق سبحانه الجن على الإنس عندما تكلم عن ﴿ أمم قد خلت من قبل﴾أي عندما أشار تعالى لفترة زمنية قدم أسبقهما زمنا في سورتي الأحقاف والأعراف.. أما الآية الثانية من الأعراف﴿ ولقد ذرانا …الآية ﴾ فلأن الجن من سلالة إبليس.. والإنس من سلالة آدم وإبليس أول من لعنهم الله ووعدهم جهنم﴿قال اخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين﴾.. والأمر الثاني أن الشيطان هو من يورد الإنسان موارد النار والهلاك وليس العكس.. والأمر الثالث أن آدم أبو الإنس كان يمثل صفة الإنابة إلى الله والرجوع إلى الله والإقرار بالذنب وهذه كلها مجلبة للرحمة الإلهية مبعدة عن النار مقربة لرضوان الله فقدم تعالى الجن على الإنس في أهل النار.. أما في سورة الرحمن:﴿يا معشر الجن والإنس ….. الآية﴾فلأن الجن سبقت الإنس في بلوغ أقطار السماء لقوله تعالى﴿وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع﴾.. وثانيا لأن التركيبة التكوينية للجن أقرب وأسهل للنفاذ من التركيبة التكوينية للإنس فالأول من نار والنار حرارة وصفة الحرارة النفوذ عبر الحواجز.. أما تركيبة الإنسان الترابية فصفتها التثاقل والسكون واستحالة النفوذ عبر الحواجز.. وهي بذلك أحوج من الجن لاستكمال نقصها المترتب عليها من تركيبتها التكوينية.. أما في سور الإسراء﴿قل لإن اجتمعت الإنس والجن على …الآية﴾فلأن الإنس هم المقصودين بالتحدي القرآني بالدرجة الأولى باعتبارهم قد اتخذوا القرآن هزوا والله يقول فيهم﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين﴾بينما قال تعالى في الجن:﴿ قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا﴾.. فقدم سبحانه الإنس على الجن هنا..
١٠. قال تعالى:﴿ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون﴾.. الأحقاف.. لماذا قال تعالى (يعرض ) ولماذا لم تكن النار هي التي تعرض لا هم.. ؟؟؟


الصفحة التالية
Icon