ج. الأولى وصف للمنافقين، وفي القرآن كل حق يصدر من المنافقين فهو باطل وكذب ﴿ إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ كذّبهم الله وهم قالوا حقا، وفي الثانية خطاب للمؤمنين بإعداد العدة عند الحرب.. فلا تناقض.
٩. قال تعالى ﴿ وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ﴾[النمل: ١٦] قال سليمان علمنا منطق الطير بينما الحدث الذي ستعرضه الآيات التالية متعلق بالنمل وما بعد ذلك الطير.. فلماذا لم يقل سليمان علمنا منطق النمل وهو قد سمع من النملة كما سمع من الهدهد.. ؟؟؟
ج. المسألة تتعلق بقضية خصوص وقضية عموم.. كيف.. حادثة سليمان مع النملة حادثة خصوص متعلقة بسليمان فقط.. أما قضية الهدهد فهي قضية عموم كونها متعلقة بأمة ضالة سيهديها الله تعالى على يد سليمان بوساطة الهدهد.. أمر آخر هو كون هذه القضية تتعلق بمنهجية النبي وهي الدعوة لله.. فكان ذكر تعليم الله له منطق الطير لاعتبار مساحة القضية المتعلقة بالطير..
١٠. قال تعالى:﴿الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما﴾ الكهف ١ يقول أهل المنطق أن نفي الاعوجاج هو إثبات للقوامة فلماذا ذكر تعالى لفظة﴿قيما﴾من حيث أن﴿لم يجعل له عوجا﴾متضمنة لهذا المعنى.. ؟؟؟
ج. أولا هنالك فرق بين النقيضية والضدية.. أي الأضداد والنقائض.. فالنقيضية هي التي لا يكون بين طرفيها حدا وسطا كالموت والحياة إذ لا وجود لمرحلة وسطية بين الموت والحياة وكذلك الوجود واللاوجود إذ لا وسط بينهما.. بينما الضدية فهي التي يكون بين طرفيها حدا وسطا مثل السواد والبياض فبينهما الداكن –الرمادي –وعلى هذا الأساس صار نفي صفة ما في النقيضية يعني إثبات الصفة المقابلة بينما نفي صفة ما في الأضداد لا يعني بالضرورة إثبات صفة مقابلة للضد.. ولنرجع للآية.. فهل القوامة نقيض الاعوجاج أم ضده.. القوامة هي نقيض الاعوجاج إذ لا وجود لما يسمى بالوسطية بينهما.. وهما نقائض فيما لو كانا مجردين، لكنهما ليسا كذلك فيما لو أضيفا لشيء وهنا هما مضافان لقضيتين.. الأولى إثبات عدم اعوجاجه لأهل الكفر ليزيدهم الله يأسا من مسه بسوء والثانية إثبات قوامته لأهل الإيمان ليزدادوا إيمانا فاقتضى إثبات القوامة لاتصاله بحيثية، مع نفي الاعوجاج لاتصاله بحيثية مغايرة..
١١. قال تعالى:﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين﴾ما وجه الكفران بهذين اللفظين.. ؟؟؟
ج. هذان اللفضان قد اشتملا على كل أنواع المفاسد.. لماذا.. لأنهما قد مستا الذات الإلهية وقد مستا حركة الحياة الإنسانية.. فالعلي هو الذي لا رتبة فوق رتبته وكل شيء منحط عنه.. فهي صفة إلهية خالصة.. أما الفساد.. فهو متعلق بتعطيل حركة حياة الإنسان على الأرض قال تعالى ﴿ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ﴾ [البقرة].. فكان هذين اللفظين شاملين لكل أنواع الكفر والفساد فجعلهما الله تعالى أسباب هلاك يوم القيامة كما صار تركهما سبب النجاة..
١٢. قال تعالى:﴿ وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لو لا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ﴾ كيف قال تعالى عن فؤاد أم موسى أنه فارغ وهو ممتلئ بحب موسى حتى كادت أن تبدي به.. ؟؟؟
ج. وهذا هو عين فراغه.. أي أنه قد امتلأ بحب موسى ففرغ منه حب الله والله يقول :﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه﴾ الأحزاب، ورسول الله يقول " حبك للشيء يعمي ويصم ".. لذلك قال تعالى﴿ربطنا﴾لأن القلب إذا أحب غير الله تقلب عن الإيمان وإذا فرغ قلب من الإيمان فقد فرغ بمعنى الكلمة حتى ولو امتلأ بأي شيء كان.. ثم قال﴿لتكون من المؤمنين﴾وهذا ما ربط الله قلبها عليه فقد أفقدها حب موسى حسن صلتها بالله..
١٣. قال تعالى:﴿وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ﴾[الأنبياء ٣٣] لماذا تقدم الليل على النهار في الأولى ليتأخر القمر على الشمس في الثانية.. ولو أجرينا الآية مجرى المقابلة لكانت " خلق الليل والنهار والقمر والشمس باعتبار القمر تابع لليل والشمس للنهار.. ؟؟؟
ج. الحق سبحانه قال﴿خلق﴾وكلمة خلق تتشعب هنا لعدة شعب فمنها متعلق بالغاية.. أي غاية الخلق.. والله يقول﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾فلما كانت غاية الخلق هي العبادة تقدم الليل على النهار باعتبار قرب العبد من الله عند الليل ويقابلها انشغال العبد بالنهار.. أما تقديم الشمس على القمر فكلمة﴿خلق﴾تحمل معنى ضرورة الخلق إذ أن ضرورة الشمس للحياة أكثر من ضرورة القمر.. فتقدم الليل لمناسبة الغاية وتقدمت الشمس لمناسبة الضرورة..
١٤. قال تعالى:﴿وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم﴾ [الذاريات: ٤١] لماذا ذكرها الله تعالى بالعقيم.. ؟؟