وعلاج الشيطان الإستعاذة (وإما ينزغنّك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم* إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكّروا فإذا هم مبصرون) سورة الأعراف آية ٢٠٠ و٢٠١، أما علاج النفس فلا ينفع معها استعاذة لكن الذي ينفع هو العزيمة. على الإنسان أن يعقد العزم على أن يخالف ما تدعوه إليه نفسه والنفس عادة تدعو إلى أمور لا خير من وراءها لأن النفس البشرية تقدّر الأمور بغير مقدارها، والنفس تطمع ولا تشبع أو تقنع كما ورد في الحديث: لو كان لابن آدم وادياً من ذهب لتمنى اثنان ولو كان له اثنان لتمنى ثلاث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. والإنسان العاقل هو الذي لا يستكين لأهواء نفسه لأن النفس تنفر عادة من التكاليف ولذا يجب أن يرغم الإنسان نفسه على ما تكره حتى يصل إلى ما يحب (حفّت الجنة بالمكاره وحفّت النار بالشهوات) فكل شهوة ترضي بها النفس هي طريق إلى النار وكل شهوة يقمع النفس عنها هي طريق إلى الجنّة. ولنتذكر دائماً هذه المقولة: "نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".
والنفس أنواع: نفس مطمئنة وهي أرقى الأنواع لأنها مطمئنة بذكر الله وعبادته وتكون مطمئنة في الآخرة (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) سورة الفجر. ونفس لوّامة وهي التي تلوم نفسها دائماً على الذنوب والتقصير وكأن هذه النفس تقوم بعمل الرقيب والمحاسب على الأعمال والأقوال والأفعال وقد أقسم بها تعالى في القرآن الكريم (ولا أقسم بالنفس اللوامة) سورة القيامة. والنفس الأمارة بالسوء وهي من أسوأ الأنفس لأنها تأمر صاحبها بارتكاب الذنوب والمعاصي دون تورع أو خشية من الله بل على العكس تزيّن هذه النفس المعصية لصاحبها حتى يقع فيها اللهم احفظ نفوسنا وأت نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها أنت وليها ومولاها.
والتطويع للنفس ضروري جداً كي يتغلب الإنسان على أهواء النفس ونوازعها والله تعالى يعين الإنسان على نفسه ولعل من أهم الأسباب التي يعين الله تعالى عباده على أنفسهم هو إخلاص النيّة لله تعالى فلو علم تعالى صدق العبد وإخلاصه لأعانه على نفسه ومقاومة إغرائها وشهواتها. اللم اجعلنا ممن أخلص النيّة لله تعالى في كل أمر واجعلنا ممن تعينهم على مقاومة هوى أنفسهم حتى نعصمها من الزلل والذنوب ومن عذاب الآخرة اللهم آمين.
(الفكرة منقولة عن الشيخ خالد الجندي)
============
أنواع الهداية
الهداية أربعة أنواع:
١. الهداية الجِبلّية أو الفطرية: وهي الهداية بالفطرة التي فطر الله تعالى عليها كل الناس فالكل يؤمن بوجود الله تعالى بالفطرة. والله تعالى خلق كل مخلوق وهداه لطريقة معاشه ولا يستطيع أحد أن يدّعي أن الله تعالى لم يهده لطريقة معاشه فنرى الطيور تهاجر من بلد إلى آخر على شكل أسراب منتظمة في مواسم معينة فمن الذي هداها لطريقها؟ الله تعالى سبحانه وضع الموجِّه في عقول هذه الطيور. قال تعالى (والذي قدّر فهدى) أي أرشد إلى طبيعة الخلق والهداية الفطرية هي أن يعرف الكخلوق كيف يسعى لرزقه وكيف يعرف ربه الإله الواحد. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه" وهذه الهداية هي نعمة من الله تعالى لأنه لو لم تكن موجودة لعمّت ظاهرة التخلف العقلي ووجود المتخلفين عقلياً بين الناس إنما خلقهم الله تعالى حتى نعرف مقدارالنعمة التي أنعمها علينا أن هدانا للهداية الفطرية الجبلّية التي هي أول مراحل الهداية.
٢. الهداية الإرشادية: وهي الهداية التي بها يُرينا الله تعالى الطريقة التي يريدنا أن نتعبده بها، والله تعالى يهدينا هداية الإرشاد عن طريق الأنبياء والمرسلين (ووجدك ضالاً فهدى) أي علّمك كيف تصل إليه. فيجب أن نتعلم طريقة الطاعة التي يرضاها الله تعالى فلم يتركنا سبحانه نتخبّط عشوائياً وإنما أرسل الرسل والأنبياء وأنزل معهم الكتب ليبيّن لنا طرق العبادة والدعوة (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) (إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا) (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) تهدي هنا بمعنى تُرشد إلى طريق الطاعة الذي يوصلنا إلى الله تعالى، (وهديناه النجدين) أي أرشدناه والله تعالى يُرشد الناس والانسان يختار فإن اختار الهداية يهديه الله تعالى الهداية التالية وهي الهداية التوفيقية (فمن شاء فليؤمن).


الصفحة التالية
Icon