أرجو أن لا أثير حفيظة أحدكم بالطرح التالي لمخالفته ما يراه البعض ولكن حسب طرحي أنه لا يخالف لا كتاب الله ولا هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، وإنما أنا طالب حق وهداية ومحارب بدعة وغواية أتمسك بالدليل والبرهان، فإن كان لأحدكم تعليق أو ملاحظة فلنناقشها كمسلمين أولي قلوب عاقلة طلبا للحق.
الحمد لله الذي رفع عنا جهالة التقليد وظلمات الجهل بنور القرآن وهدي نبيه الكريم محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ونحمده حمدا كثيرا على أن من علينا باتباع القرآن وهدي النبي الكريم بلسان عربي مبين.
اللهم اجعلنا من المتمسكين بكتابك وسنة نبيك فهما بلسان عربي مبين.
لقد تعودنا قراءة مفهوم المعجزة والتخريق في الفكر الديني (المشروح)، ولكن عند محاكمة هذه الشروح للقرآن والسنة وعقلانياتهما ظهر لنا جليا وبشكل لا يقبل الشك أن هذا المفهوم مستحيل وخرافة وغير عقلاني، ويستحيل على الله أن تتصف أفعاله بمثل هذا المفهوم.
وبداية يجب أن يفرق القاريء الواعي بين كلام الله وهدي نبيه (القرآن والسنة) فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه من جانب مقدس وبين أفهام البشر على كلام الله وهدي رسوله حيث أن أفهامهم تلك غير مقدسة ولا معصومة من جانب آخر، وعلى الجانب الآخر فإن لنا وقفة متدبرة متفحصة.
بعد استقراء نصوص الكتاب والسنة استقراء كاملاً، تبين لنا ان لفظة المعجزة وتعريفها الموجود في كتب الفكر الديني المشروح غير موجودة نهائيا قطعا بتا في النصوص من الكتاب والسنة.
و مع اختلاف الشراح في تعريف المعجزة إلا أنني أضع هنا أحد التعاريف الأكثر انتشاراً وقبولاً وشيوعاً، لكي نضعه تحت النقد العقلاني القرآني نفسه.
والمعجزة في الاصطلاح: "هي الأمر الخارق للعادة، السالم من المعارضة يظهره الله تعالى على يد احد انبيائه، تصديقًا له في دعوته، ومن شروطها أن تكون فعلًا من الأفعال المخالفة لما تعوَّد عليه الناس وألفوه، وأن يكون الغرض من ظهور هذا الفعل الخارق هو تحدي المنكرين، سواء صرح النبي صاحب المعجزة بالتحدي أو كان التحدي مفهومًا من قرائن الأحوال، وأن تكون المعجزة على شاكلة ما برع فيه قوم النبي".
وعلى الجميع أن يعرف أن ألفاظ القرآن والسنة لها دلالات محددة و معان بينة نستطيع تلمسها في معاجم اللسان العربي.
وبالنسبة إلى المعجزة والتخريق فلا أعلم حقيقة بأي استقراء خنفشاري وبأي مناهج الوصف والدلالة على كتاب الله وسنة نبيه قاموا عليه، بحيث خلصوا الى التعريف السابق الذي لا تقبله نصوص القرآن والسنة النبوية الزكية عند التحقيق والتدقيق قولاً وفصلاً.
وذلك للأسباب التالية :
*المعجزة مشتقة من الجذر " عجز" وتعني أن الله عز وجل يقصد إعجاز المخاطبين بتلك الآيات وعلى من أدعى أن الله قصد إعجازهم أن يأتي بدليل من كلام الله وهدي رسوله يشير إلى هذا المقصد، مع العلم أنه لن يجد ذلك أبدا فالله لا يقصد بتلك الآيات أن يعجز أحدا كما يبين القرآن الكريم وهدي النبي الكريم، وكما أن الدين جاء ليرفع عن الناس العجز لا أن يلزمهم به.
١٩٠٥١٩ - المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله. ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل : قدر الله. وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان
الراوي: أبو هريرة - خلاصة الدرجة: صحيح - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: ٢٦٦٤
١ إن مفهوم المعجزة والتخريق خروجاً بمعجزة غير موجودين في القرآن والسنة.
٢ والمعجزة في اللسان "ُ، بفتح الجيم وكسرها، مفعلة من (العَجْز: عدم القدرة).".
فإن كان البشر قادرين على اعتبار أن ذلك هو الأصل، استطاعوا ان يأتوا بمثلها، وان لم يكونوا قادرين وهو الأصل في واقع الحال، فليس هناك حاجة من اعجازهم ابدا ابدا، وما النفع من ذلك أو ان الله يقوم بما لا حاجة له به عبثا ولعبا.
٣ الخرق في اللسان " الخرق الشَّقُّ في الحائط والثوب ونحوه" وهو فعل استداركي للحصول على نتيجة ما مع تخريب، ( فلو كان لأحدكم جهاز أو آلة فأين الذكاء والحنكة؟، أن تكون آلتك قادرة على منحك جميع الإمكانيات التي تريدها وتكون تلك الإمكانيات في حساباتك المعدة مسبقاً، أو أن تقوم بتخريب آلتك لتحصل على إمكانية ما ؟).
فهل الله يحتاج إلى ان يخرق سننه وخلقه تخريقا أو ان تلك الامور تتحول ضمن الامكانيات المعدة والمحسوبة مسبقاً فمن أين خلصوا إلى ذلك الفهم المخرّق، والتي تبين النصوص بوضوح نفيه.
"وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ "١٠٠ من سورة الأنعام.
" وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً "٣٧ من سورة الإسراء.