آمل أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله الكريم، وأن يعين به المتذوقين لحلاوة القرآن والباحثين، وأن يكون أجراً موفوراً ليوم الدين، آمين.
د/ الصادق إبراهيم البصير
جامعة سبها – كلية الأداب
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق وأكملهم، القائل:"وأوتيتُ جوامعَ الكلم"(١)، فلم ينطق بالضاد أفصح ولا أبلغ منه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.أما بعد :
فإن القرآن الكريم أوسع من أن يضيقَ بأبحاث الباحثين ؛ فعلومه فاقت الحد والعد، وما هذا العمل المتواضع إلا مساهمةً صغيرةً وخدمةً لكتاب الله عز وجل وعلومه، وما الإعجاز إلا واحداً من هذه العلوم التي شغلت العقول ؛ فشُحِذَت الهمم لبيانها وإظهار معالمها وخفاياها، حتى حُملَ بعضُ العلماء على القول بوجوب الاشتغال بالإعجاز درساً وإبانةً ؛ فقد قال أبو بكر الباقلاني : فهو أحق بكثيرٍ مما صنفوا فيه من القول في الجزء والطفرة ودقيق الكلام في الأغراض وكثير من بديع الإعراب وغامض النحو فالحاجة إلى هذا أمسُّ والاشتغال به أوجب " (٢).
وهذه قصة يوسف عليه السلام شغلت العلماء والفقهاء والأدباء والباحثين، فتحدثَ فيها من يُسِّرَ له ذلك، فقامت عليها دراسات عدة، متناولةً إياها من وجوه وزوايا مختلفة، بعضها من الناحية الاقتصادية وبعضها من ناحية الشرح والتفصيل وبعضها من ناحية الدروس والعبر، وغيرها من الناحية
الاجتماعية والنفسية، وبعضها دراسة أدبية وغير ذلك، غير أنني لم أقع على دراسة تناولتها من ناحية الإعجاز البلاغي إلا ما تناثر من دررٍ في حنايا كتب المتقدمين، وما أظنني أتيت بجديد في عالم الإعجاز، إلا أنني عملت على جمع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١- رواه أحمد
٢- إعجاز القرآن : الباقلاني. تحقيق أحمد صقر، مصر، دار المعارف، ١٩٥٤، ص٥