قلت مَا جَاءَ من الْآيَات فلجمع الدَّلَائِل وَمَا جَاءَ من الْآيَة فلوحدانية الْمَدْلُول عَلَيْهِ فَلَمَّا ذكر عَقِيبه الْمُؤْمِنُونَ وهم المقرون بوحدانية الله تَعَالَى وحد الْآيَة وَلَيْسَ لَهَا نَظِير فِي الْقُرْآن إِلَّا فِي العنكبوت وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿خلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ إِن فِي ذَلِك لآيَة للْمُؤْمِنين﴾ فَوحد بعد ذكر الْجمع لما ذكرت وَالله أعلم
سُورَة النَّحْل
٢٥٨ - قَوْله فِيهَا فِي موضِعين ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَات﴾ بِالْجمعِ وَفِي خمس مَوَاضِع ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة﴾ على الْوحدَة أما الْجمع فلموافقة قَوْله ﴿مسخرات﴾ فِي الْآيَتَيْنِ لتقع الْمُوَافقَة فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَأما التَّوْحِيد فلتوحيد الْمَدْلُول عَلَيْهِ
وَمن الْخمس قَوْله ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يذكرُونَ﴾ وَلَيْسَ لَهُ نَظِير وَخص الذّكر لاتصاله بقوله ﴿وَمَا ذَرأ لكم فِي الأَرْض مُخْتَلفا ألوانه﴾ فَإِن اخْتِلَاف ألوان الشَّيْء وَتغَير أَحْوَاله يدل على صانع حَكِيم فَمَا يُشبههُ شَيْء فَمن تَأمل فِيهَا تذكر
وَمن الْخمس ﴿إِن فِي ذَلِك لآيَة لقوم يتفكرون﴾ فِي موضِعين وَلَيْسَ لَهما نَظِير وخصتا بالتفكر لِأَن الأولى مُتَّصِلَة بقوله ﴿ينْبت لكم بِهِ الزَّرْع وَالزَّيْتُون والنخيل وَالْأَعْنَاب وَمن كل الثمرات﴾ وأكثرها للْأَكْل وَبِه قوام الْبدن فيستدعى تفكرا وتأملا ليعرف بِهِ الْمُنعم عَلَيْهِ فيشكر وَالثَّانيَِة مُتَّصِلَة بِذكر النَّحْل وفيهَا أعجوبة من انقيادها لأميرها واتخاذها الْبيُوت على أشكال يعجز عَنْهَا الحاذق ثمَّ تتبعها الزهر والطل من الْأَشْجَار ثمَّ خُرُوج ذَلِك