لِأَن الأول لعطف جملَة على جملَة فَحسب وَالثَّانِي لعطف جملَة على جملَة بَينهمَا مُنَاسبَة والتئام لِأَنَّهُ حكى أَحْوَال أهل الْجنَّة ومذاكرتهم فِيهَا مَا كَانَ يجْرِي فِي الدُّنْيَا بَينهم وَبَين أصدقائهم وَهُوَ قَوْله ﴿وَعِنْدهم قاصرات الطّرف عين﴾ ﴿كأنهن بيض مَكْنُون﴾ ﴿فَأقبل بَعضهم على بعض يتساءلون﴾ أَي يتذاكرون
وَكَذَلِكَ فِي ﴿ن والقلم﴾ هُوَ من كَلَام أَصْحَاب الْجنَّة بِصَنْعَاء لما رأوها كالصريم وندموا على مَا كَانَ مِنْهُم وَجعلُوا يَقُولُونَ ﴿سُبْحَانَ رَبنَا إِنَّا كُنَّا ظالمين﴾ بعد أَن ذكرهم التَّسْبِيح أوسطهم ثمَّ قَالَ ﴿فَأقبل بَعضهم على بعض يتلاومون﴾ أَي على تَركهم الِاسْتِثْنَاء وتخافتهم ﴿أَن لَا يدخلنها الْيَوْم عَلَيْكُم مِسْكين﴾
٤٢٨ - قَوْله ﴿إِنَّا كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين﴾ وَفِي المرسلات ﴿كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين﴾ لِأَن فِي هَذِه السُّورَة حيل بَين الضَّمِير وَبَين كَذَلِك بقوله ﴿فَإِنَّهُم يَوْمئِذٍ فِي الْعَذَاب مشتركون﴾ فَأَعَادَ
وَفِي المرسلات مُتَّصِل بِالْأولِ وَهُوَ قَوْله ﴿ثمَّ نتبعهم الآخرين كَذَلِك نَفْعل بالمجرمين﴾ فَلم يحْتَج إِلَى إِعَادَة الضَّمِير
٤٢٩ - قَوْله ﴿إِذا قيل لَهُم لَا إِلَه إِلَّا الله﴾ وَفِي الْقِتَال ﴿فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله﴾ بِزِيَادَة ﴿أَنه﴾ وَلَيْسَ لَهما فِي الْقُرْآن ثَالِث لِأَن مَا فِي هَذِه السُّورَة وَقع بعد القَوْل فَحكى الْمَقُول وَفِي الْقِتَال وَقع بعد الْعلم فزيد قبله ﴿أَنه﴾ ليصير مفعول الْعلم ثمَّ يتَّصل بِهِ مَا بعده