أعرابي، فاستتبعه النبي صلي الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبي - ﷺ - وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومون في الفرس، ولا يشعرون أن النبي - ﷺ - قد ابتاعه، حتى زاد بعضهم في السوم على ثمن الفرس، فنادى الأعرابي النبي - ﷺ، فقال : إن كنت مبتاعا ً هذا الفرس فابتعه ' وإلا بعته.
فقال النبي - ﷺ - حين سمع نداء الأعرابي : أوليس قد ابتعته منك ؟ !
فقال الأعرابي : لا والله ما بعتك.
فقال النبي - ﷺ - بل قد ابتعته منك.
فطفق الناس يلوذون بالنبي - ﷺ - والأعرابي وهما يتراجعان.
فطفق الأعرابي يقول : هلم شهيداً يشهد أن بعتك.
قال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك قد بعته.
فأقبل النبي - ﷺ - على خزيمة فقال : بم تشهد ؟
فقال بتصديقك يا رسول الله.
فجعل رسول الله شهادة خزيمة بشهادة رجلين. ] ( ١٦٣ )
وفي هذا ما يؤكد أهمية الشهادة في الأمور التي يمكن النزاع فيها.
******
بلاغة التوجيه في قوله تعالى :
" ولا يضار كاتب ولا شهيد "
[ لما أمرت الآية بالكتابة، ثم أمرت بالإشهاد انتقلت إلى معنى آخر متصل به، وهو النهي عن الإضرار بهما، ولم يُقصد بذكر الأول التوصل إلى ذكر الثاني، وهذا عند علماء البلاغة يسمى الاستطراد ( ١٦٤)
وهو مشعر بامتداد الغرض...... وكل ذلك يدل على خطورة الديون، وكثرة تبعاتها.
والمضارَّة هي : إدخال الغير بأن يوقع المتعاقدان الشاهدين والكاتب في الحرج والخسارة، أو ما يجرّ إلى العقوبة ](١٦٥)
والفعل " يضار " يجوز أن يكون مسنداً إلى الفاعل، كأنه قال لا يُضارِر....
وأن يكون مفعولاً، أي : لا يضارَر، بأن يُشغل عن صنعته، ومعاشه باستدعاء شهادته..