بمعنى أنه يحتمل البناء للمعلوم، والبناء للمجهول، ولعل اختيار هذه المادة هنا مقصود، لاحتمالها حكمين ] ( ١٦٦)
وعليه ؛ ففي الكلام توجيه، والتوجيه هو :" إيراد الكلام محتملاً لوجهين مختلفين "؛ كقول الله تعالى حكاية عن المشركين :" واسمع غير مسمع وراعنا ".
قال الزمخشري :[ غير مسمع : حال من المخاطب ؛ أي : اسمع وأنت غير مسمع، وهو قول ذو وجهين، يحتمل الذم، أي اسمع منا مدعواً عليك بـ " لا سمعت "
أو اسمع غير مجاب ماتدعو إليه ] ( ١٦٧)
فقوله :" ولا يضار " على معنى إدخال الشاهدين والكاتب في الحرج، والخسارة، أو إيذائهما لشهادتهما الحقة.
وقد يفهم منه معنى آخر، وهو أن يتواطأ الشاهدان والكاتب في التوثيق فيضيعا حق الدائن أو المدين
[ لكن الأولى بالسياق مخاطبة المتداينين بألا يضارُّوا الكاتب أو الشهيد ؛ لأنه لو كان خطاباً للكاتب أو الشهيد لقيل بعد : وإن تفعلا فإنه فسوق بكما ] ( ١٦٨)
وقد أخذ فقهاؤنا من هاته الآية أحكاماً كثيرة تتفرع عن الإضرار :
ومنها: ركوب الشاهد من المسافة البعيدة.
ومنها : ترك استفساره بعد المدة الطويلة التي هي مظنة النسيان.
ومنها : استفساره استفساراً يوقعه في الاضطراب.
ومنها : أنه ينبغي لولاة الأمور جعل جانب من مال بيت المال لدفع مصاريف انتقال الشهود، وإقامتهم في غير بلدهم، وتعويض ما سينالون من ذلك الانتقال من الخسائر المالية في إضاعة عائلتهم ؛ إعانةً على إقامة العدل بقدر الطاقة والسعة ] ( ١٦٩ ).
وفي تقديم الكاتب على الشهيد إشعار بأن الأصل في التوثيق هو الكتابة، . وأن ضبط هذه الديون واقع في المقام الأول على الكاتب.
أما إفراد اللفظين [ الكاتب والشهيد] مع تنكيرهما ؛ فلقصد التعميم، بمعنى : أي كاتب، وأي شهيد.