فإنه لما قصد التشنيع بالقبيلة، ومن ولدها، وما ولدته أظهر " اللؤم " في الجمل الثلاث، ولما كانت الجملة الرابعة كالتأكيد للثالثة لم يظهر اسم اللؤم بها.
هذا ولإظهار اسم الجلالة، وتكراره نكتة أخرى، وهي التهويل، وللتكرير مواقع يحسن فيها، ومواقع لا يحسن فيها.
قال عبد القاهر في خاتمة دلائل الإعجاز [ الذوق قد يدرك أشياء لا يُهتدى لأسبابها، وأن بعض الأئمة قد يعرض له الخطأ في التأويل، ومن ذلك ما حُكي عن الصاحب أنه قال : كان الأستاذ ابن العميد يختار من شعر ابن الرومي، ويُنقِّط على ما يختاره، قال الصاحب، فدفع إليَّ القصيدة التي أوّلها :
أتحت ضلوعي جمرة تتوقد على ما مضى أم حسرة تتجددُ
وقال لي : تأملها، فتأملتها، فوجدته قد ترك خير بيت فيها لم ينقط عليه، وهو قوله :
بجهل كجهل السيف والسيف منقض وحلم كحلم السيف والسيف مغمدُ
فقلت : لم ترك الأستاذ هذا البيت ؟
فقال : لعل القلم تجاوزه، ثم رآني من بعدُ فاعتذر بعذر كان شراً من تركه، فقال : إنما تركته ؛ لأنه أعاد السيف أربع مرات.
قال الصاحب : لو لم يُعده لفسد البيت.
قال الشيخ عبد القاهر : والأمر كما قال الصاحب.... ثم قال :
إن الكناية والتعريض لا يعملان في العقول عمل الإفصاح والتكشيف، لأجل ذلك كان لإعادة اللفظ في قوله تعالى:"وبالحق أنزلناه وبالحق نزل"وقوله : قل هو الله أحد الله الصمد " عمل لولاه لم يكن.
وقال الراغب : قد استكرهوا التكرير في قوله :
* فما للنوى جُدّ النوى قُطع النوى *
حتى قيل: لو سلط بعير على هذا البيت لرعى ما فيه من النوى، ثم قال : إن التكرير المستحسن : هو تكرير يقع على طريق التعظيم أو التحقير، في جمل متواليات، كل جملة منها مستقلة بنفسها، والمستقبح هو أن يكون التكرير في جملة واحدة، أو في جمل في معنى.... ولم يكن في معنى التعظيم أو التحقير.