فالراغب موافق للأستاذ ابن العميد، وعبد القاهر موافق للصاحب بن عباد...
قال المرزوقي في شرح الحماسة عند قول يحيى بن زياد :
لما رأيت الشيب لاح بياضه بمفرق رأسي قلت للشيب مرحباً
كان الواجب أن يقول : قلت له : مرحبا لكنهم يكررون الأعلام، وأسماء الأجناس كثيراً والقصد بالتكرير التفخيم. ] ( ١٧٣)
وسواء أطلق العلماء على هذا مصطلح : وضع الظاهر موضع المضمر، أو الخروج على خلاف الأصل، أو التكرار ؛ فإن القصد هو التعظيم، [ وإدخال الروعة وتربية المهابة في النفوس ] ( ١٧٤).
وعليه فتكرير اسم " الله " في ختام الآية حيث قيل " واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم " إنما قصد به تربية المهابة في القلوب الدائنة، والمدينة، والشاهدة، والكاتبة، وكذا تربية المهابة في قلوب المجتمع الإسلامي ليحتاط في هذه المعاملات، ويسمع لأوامر، ويطيع.
تعلق العلم بالتقوى :
ذهب البعض إلى التلازم بين العلم والتقوى: تلازماً شرطياً، بمعنى: أن العلم متعلق بالتقوى، فمتى حدثت التقوى حدث العلم وترتب عليها اعتماداً على قوله تعالى:" واتقوا الله ويعلمكم الله "
يقول القرطبي:[ إن الآية وعد من الله بأن من اتقاه علَّمه، أي : يجعل في قلبه نوراً يفهم به ما يُلقى إليه ]( ١٧٥)
ويقول الصابوني :[ العلم نوعان : كسبي ووهبي.
أما الأول : فيكون تحصيله بالاجتهاد والمثابرة والمذاكرة.
وأما الثاني : فطريقه التقوى، والعمل الصالح، كما قال الله تعالى :" واتقوا الله ويعلمكم الله " وهذا العلم يسمى العلم اللدني :" وآتيناه من لدنا علما " - الكهف ٦٥-، وهو العلم النافع الذي يهبه الله تعالى لمن يشاء من عباده المتقين، وعليه أشار الإمام الشافعي بقوله :
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني أن العلم نور ونور الله لا يهدى لعاص


الصفحة التالية
Icon