فهو عمود الآية، وقطب رحاها، ومحور بنيانها ؛ فإنك تلحظه صريحاً ومفهوماً.
فهو مثلاً صريح في نحو :
* إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه.
* وليكتب بينكم كاتب بالعدل.
* ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله.
* فليكتب.
* ولا تسأموا أن تكتبوه.
* فليس عليكم جناح ألا تكتبوها.
وهو مفهوم في نحو :
* وليملل الذي عليه الحق ؛ لأن الإملال للكتابة.
* واستشهدوا شهيدين من رجالكم ؛ أي : على المكتوب.
* ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ؛ أي : إلى توثيق الكتابة...... وغير ذلك كثير.
أما الأساليب وعلاقاتها بأسلوب الأمر بالكتابة فتتضح فيما يلي :
١ - بين النداء والأمر :" يا أيها الذين آمنوا..... فاكتبوه... "
فعلاقة الأمر بالنداء جد وثيقة ؛ إذ إن الأمر بعد النداء من مظاهر العظمة، كما قال الإمام في آية :" ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ) (هود: ٤٤)
يقول :[ ومعلوم أن مبدأ العظمة في أن نوديت الأرض ثم أمرت. ] ( ١٨١ ).
ذلك لأن النداء توطئة للأمر، وفتح للعقول، حتى تستقبله استقبال المتوثب للامتثال، فهو في الأصل تنبيه.
٢ - بين الشرط والأمر :
وكلاهما قيد ولكن الملاحظ أن أسلوب الشرط في الآية قد اقترن بأسلوب الأمر في أكثر من موضع
نحو :" إذا تداينتم... فاكتبوه." ونحو :" فإن كان الذي عليه الحق سفيهاًً... فليملل. "
ونحو :" وأشهدوا إذا تبايعتم ".
وكأن هناك صلة رحم بين كل منهما، وامتزاج ؛ مما أباح تقديم كل منهما على الآخر، مع أن الأصل تقدم الشرط.
٣ - بين الأسلوب الخبري والأمر :
تكاد تكون أساليب الخبر في الآية استرواحاً بعد الأوامر، أو استنهاضاً للهمم، لِتُواصل سماع التكاليف من جديد، بعد الأوامر في :" واستشهدوا... "
والأمر المفهوم من النهي في :" ولا تسأموا أن تكتبوه.. " حيث قيل :
" ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا... "
فكأن الإخبار بذلك لقبول الأمر أيضاً.