ولقد تناولت في بحثي آية الدين من عدة محاور :
أظهرت في البداية موضع الآية من خلال سورة البقرة، وأنها جاءت بعد تمهيد للنفوس بالإيمان ؛ لتتلقى الأوامر بالقبول.
ثم أظهرت علاقة الآية بمقصود السورة الأعظم، وهو - كما تبين لي - الإيمان بالغيب فهو الباعث والمحرض على الالتزام والقبول بكل التكاليف.
ثم تناولت السياق الخاص العام والخاص للآية، فالآية تدور في فلك الضوابط التي تحفظ المجتمع من الانهيار اقتصادياً، وتضمن له القوة الحامية للعقيدة الصافية.
ثم تناولت وجه الطول لهذه الآية وكشفت عن أن هذا الطول ما هو إلا إشارة إلى المشاق التي تكتنف هذه المعاملات، لذلك مزجتْ الآية بين التكليف والباعث عليه :
فالتكليف مثل :( فاكتبوه _ واستشهدوا ).
والباعث والمحرض مثل :( كما علمه الله - وليتق الله ربه.... إلخ ).
ثم قمت بتحليل الآية جملةً جملة، وكلمةً كلمة، ووضعت لكل جملة أو تركيب عنواناً يبرز أهم ما في التركيب من أسلوب بلاغي، وأظهرت من خلال هذا التحليل أن هناك خيطاً يسلك كل لفظة، وكل جملة، وكل أسلوب، ولا يضيع هذا الخيط من اليد أبداً بداية من أول الآية وحتى ختامها.
وهذا الخيط هو
التضييق، والتشديد، ووضع القيود على الديون لتنفير الناس منها، ووضعها في أضيق الحدود ؛ حتى لا تشيع في المجتمع المسلم.....
ثم بعد هذا التحليل حاولت الوقوف على ما في الآية من نغمات، وبينت علاقة هذه النغمات بالغرض الذي تهدف إليه الآية، وأن هذه النغمات رافد مهم من روافد المعنى، وخيط بارز من خيوط النسيج داخل الآية.
وبعد هذا التحليل أعدت النظر مرة أخرى إلى ما تم فكه من أساليب وألفاظ، وظهر من خلال ذلك أن أسلوب الأمر بالكتابة هو الأسلوب المهيمن على الآية إذ به يتم التوثيق، وتحفظ الحقوق، وأن الأساليب الأخرى تدور في فلكه وتساعده على إظهار المقصود.


الصفحة التالية
Icon