بل رسالته الفريضة أن يمد نظره إلى سياق السورة كلها، وسياق القرآن الكريم كله، إن استطاع ؛ ذلك لأنه يستشرف إلى ما يؤدي تمام المعنى القرآني في دقائقه، ورقائقه، ولطائفه، وذلك لا يتحقق إلا في سياق السورة، ثم في سياق القرآن الكريم كله.
( وأهل العلم يدركون قيمة البناء البياني للسورة ؛ إذ هي وحدة التحدي الصغرى الذي جاء به القرآن الكريم، وتمام المعنى لا يدرَك في سياقه الجزئي، وإنما يُدرك في سياق السورة كلها التي هي وحدة التحدي.. وكل درس لآية خارج سياق سورتها هو درس خداج، عاجز عن استبصار كثير من وجوه المعنى القرآني التي تُغزو الروح، والقلب ) ( ٩ )
وفي سياق سورة البقرة تُعدّ آية الدين حلقة من حلقات الحديث عن الاقتصاد الإسلامي، والتي قامت على أساس الحلال، والحض عليه، ونبذ الحرام، والتحذير منه.
فالجذر الذي بنيت عليه كل المعاملات هو قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (البقرة: ١٦٨).
فهذا هو أصل المعاملات، وهو بداية القسم التشريعي في سورة البقرة، بعد القسم العقدي، والذي بدأ بقول الله تعالى :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: ٢١).
فكأن السورة يمكن جمعها في سطرين ؛ حيث جاءت نداءً للناس كافة بأمرين :
الأول : عبادة الله تعالى، والآخر : أكل الحلال.
وفي السياق التشريعي جانب كبير يتعلق بالأموال، والمكاسب المالية، ثم جانب آخر يتعلق بالإنفاق، ودار السياق على هذين المحورين :
١ - مصدر المال
٢ - إنفاق المال.
والملاحظ أن هناك خطابين :