والذي أراه أن هذا الطول لون من ألوان التحذير ؛ لأن طريق الديون طريق طويل، مليء بالعقبات، كما أن آثار الديون لا تزول سريعا، بل تبقى عالقة بالنفوس، مثل الألم الذي لا يزول حتى بعد العلاج، وكأن طول الآية يوحي بأفضلية عدم التداين ؛ لأنه بابُ خطرٍ ؛ فالصبر أولى منه لمن يريد الاقتراض.
وهكذا تحاول الآية أن تصرف الناس عن دروب التداين إلى طريق آخر ؛ فطالت ؛ ليشق عليهم جمعها وقراءتها.
وأمر آخر :
وهو أن الآية جمعت شروطا وضوابط لضمان الحقوق، فموضوعها واحد، فلما اتحد موضوعها جُمعت في آية واحدة.
فإن قيل : فإن الآية التي بعدها موصولة بها، قلت : إن الآية التي بعدها في شأن الرهن، وهو باب آخر، حتى وإن كان فيه تداين، لكنه خاص بما يكون أثناء السفر حالة عدم توفر الكاتب، وآية الدين في أثناء الإقامة، فلما كان هناك نوع اختلاف فصلت هذه عن تلك.
ووجه ثالث :
وهو أن الآية بطولها هذا أصبحت من الشهرة بمكان، مما جعلها موطن حضور في حديث المسلمين، وتدارسهم للقرآن الكريم، وهذا يستتبعه استحضار ما فيها من قيود دائما.
فإذا ضم هذا المعنى إلى ما بين الناس من تعاملات مالية، وأغلبها في ميدان الديون لعرفنا أن هناك علاقة وثيقة بين طول الآية وما شاع بين الناس من تعاملات ؛ حيث وضع القرآن الكريم أشهر آية لتكون علاجاً لأشهر المعاملات.
فالمشهور الشائع في القرآن علاج للمشهور الشائع في المعاملات، وهذا توافق عجيب.
ووجه رابع :


الصفحة التالية
Icon