وعند القرطبي :( حدّ علماؤنا السلم فقالوا : هو بيع معلوم في الذمة محصور بالصفة، بعين حاضرة أو ما هو في حكمها إلى أجل معلوم. فتقييده بـ ( معلوم في الذمة ) يفيد التحرُّز من المجهول، ومن السلم في الأعيان المعيَّنة مثل الذي كانوا يستلفون في المدينة حين قدم عليهم النبي _ ﷺ _ فإنهم كانوا يستلفون في ثمار نخيل بأعينها، فنهاهم عن ذلك لما فيه من الغرر ؛ إذ قد تخلف تلك الأشجار فلا تثمر شيئا.
وقولهم :( محصور في الصفة ) تحرز عن المعلوم على الجملة دون التفصيل كما لو أسلم في تمر أو ثياب أو حيتان ولم يبين نوعها ولا صفتها المعينة.
وقولهم :( بعين حاضرة ) تحرز من الدين بالدين.
وقولهم :( أو ما هو في حكمها ) تحرز من اليومين، أو الثلاثة التي يجوز تأخير رأس مال السلم إليه ؛ فإنه يجوز تأخيره عندنا، ذلك القدر، بشرط، وبغير شرط لقرب ذلك....
وقولهم :( إلى أجل مسمى ) تحرز من السلم الحال ؛ فإنه لا يجوز على المشهور....
ووصف الأجل ( بالمعلوم ): تحرز من الأجل المجهول الذي كانوا في الجاهلية يسلمون إليه(٢٩)
وقيل في السلم :( أن يسلم عوضا حاضراً في عوض موصوف في الذمة إلى أجل مسمى، ويسمى سلماً وسلفاً، يقال : أسلم، وسلّف، وهو نوع من البيع ينعقد بما ينعقد به البيع، ... ويعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في البيع، وهو جائز بالكتاب والسنة، أما الكتاب، فقول الله تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ.... )
وروى سعيد بإسناده عن ابن عباس أنه قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه، ثم قرأهذه الآية.
ولأن هذا اللفظ - أي الدين -يصلح للسلم، ويشمله بعمومه.


الصفحة التالية
Icon