وأما السنة، فروى ابن عباس عن الرسول _صلى الله عليه وسلم _ أنه قدم المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال ( من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم ) متفق عليه.
وروى البخاري عن محمد بن أبي مجاهد قال : أرسلني أبو بردة وعبد الله بن أبي شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف فقالا : كنا نصيب المغانم مع رسول الله _ ﷺ _ فكان يأتينا أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب، فقلت : أكان لهم زرع، أم لم يكن لهم زرع ؟
قال : ما كنا نسألهم عن ذلك.
وأما الإجماع : فقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنهم من أهل العلم على أن السلم جائز ؛ ولأن الثمن في البيع أحد عوضي العقد، فجاز أن يثبت في الذمة، ولأن بالناس حاجة إليه ؛ لأن أرباب الزروع، والثمار، والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم، وعليها لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوّز لهم السلم ليرتفقوا، ويرتفق المسلم بالاسترخاص ( ٣٠)
السلف :
(سلف يسلُف سلفاً وسلوفا ً، يجيء على معان :
السلف : القرض، والسلم، والسلف أيضا كل عمل قدمه العبد...
وأسلف في الشيء : سلم، والاسم منها : السلف، وهو نوع من البيوع يعجل فيه الثمن، وتضبط السلعة بالوصف إلى أجل معلوم.
والسلف : القرض، يقال : أسلفته مالاً ؛ أي : أقرضته.
قال الأزهري : كل مال قدمته في سلعة مضمونة اشتريتها بصفة فهو سلف وسلم، وروي عن النبي _ ﷺ _ أنه قال :( من سلّف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ).
أراد : من قدم مالاً، ودفعه إلى أجل في سلعة مضمونة....
والسلف في المعاملات له معنيان :
أحدهما : القرض الذي لامنفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر، وعلى المقترض رده كما أخذه
والعرب تسمي القرض سلفاً كما ذكره الليث.