وعلى هذا فإن ( إذا الشرطية تختص بالدخول على الجملة الفعلية، وما جاء على غير ذلك فمؤول ؛ محافظة على قاعدة الاختصاص (٥٠) ( وفعل الشرط لا يكون إلا مستقبل المعنى، فإن جاء ماضياً كما هو الحال في الآية _ أُوِّل بالمستقبل ) ( ٥١ )، كما أن من لوازم ( إذا ) الشرطية ( أنها تختص بدخولها على المتيقن، والمظنون، والكثير الوقوع، بخلاف ( إن ) فإنها تستعمل في المشكوك، والموهوم النادر ؛ ولهذا قال تعالى( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ثم قال:( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (المائدة: ٦) فأتى بـ ( إذا ) في الوضوء لتكراره وكثرة أسبابه، و بـ ( إن )في الجنابة، ، لقلة وقوعها، بالنسبة إلى الحدث.
وقيل( فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ) (لأعراف: ١٣١
وقيل :( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) (الروم: ٣٦).
أتى في جانب الحسنة بـ (إذا ) ؛ لأن نعم الله على العباد كثيرة، ومقطوع بها، و بـ ( إن ) في جانب السيئة ؛ لأنها نادرة الوقوع، ومشكوك فيها.
ولعل ( إذا هنا تصف واقعاً يعيشه المسلمون الآن، مع أن الأصل في الدَّين أن يكون استثناءً، واضطراراً، أو على الأقل يكون في منزلة أقل من البيع الناجز، لكن شيوع ( إذا ) في الآية يثبت العكس، وكأن القرآن الكريم يقول : إن الناس سيتخذون التداين أساساً للبيع والشراء، وهذا واقع


الصفحة التالية
Icon