لِمَ أفرد الضمير ؟
إن الأولى بالفهم - عندي- هو عود الضمير إلى الدَيْن، وسبب إفراد الضمير هو دخول الأجل في بنود العقد المكتوب، فلا يقال : كتب الدين إلا وهو يريد كُتِب مقداره وأجله، ونحو ذلك.
يقول القرطبي :" وفي قوله :"فاكتبوه " إشارة ظاهرة إلى أنه يكتبه بجميع صفته المبينة له، المُعرِبة عنه ؛ للاختلاف المتوهم بين المتعاملين، المُعرِّفة للحاكم ما يحكم به عند ارتفاعهما إليه " (٦٦)
وعليه يكون في الكلام إيجاز ؛ حيث كتابة قيمة الدين وصاحبة، وموعد السداد، ومكان السداد.... إلى آخر هذه الأمور التي يُنصُّ عليها في العقد المكتوب ؛ ولذلك يقول القرطبي أيضاً: " فاكتبوه " : يعني الدين والأجل... ويقال : أُمر بالكتابة، ولكن المراد : الكتابة والإشهاد ؛ لأن الكتابة بغير شهود لا تكون حجة " (٦٧)
أثر السياق في تحديد حكم الكتابة :
ذهب البعض إلى أن كتب الديون واجب على أربابها فرضٌ بهذه الآية - بيعاً كان أو قرضاً ؛ لئلا يقع فيه نسيان أو جحود.
قال ابن جُريج :" من ادَّان فليكتب، ومن باع فليُشهد ".
وقال الشعبي :" كانوا يرون أن قوله :" فإن أمن بعضكم بعضاً " ناسخ لأمره بالكتب...."
وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه الألفاظ، ثم خففه الله تعالى بقوله :" فإن أمن بعضكم بعضاً.
وقال الجمهور :" الأمر بالكتب ندبٌ إلى حفظ الأموال، وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقياً فلا يضره الكتب..."
وقال بعضهم :" إن أشهدتَ فحزمٌ، وإن ائتمنت ففي حلٍ وسعة ؛ فالندب : إنما هو على جهة الحيطة للناس..." ) ( ٦٨ )


الصفحة التالية
Icon