كلية اللغة العربية فرع شبين الكوم
الفصل الأول
النظرة الكلية الأولى للآية
أولاً : موقع سورة البقرة على مدرجة القرآن الكريم
غير خفي أن ترتيب السور في المصحف الشريف يخالف ترتيبها نزولا، وذلك لاقتران النزول بملابسات ووقائع في حياة الناس زمن البعثة.
والثابت أن سورة البقرة ظلت تتوالى أياتها نزولا سنوات عدة، وكان في أثناء نزول آياتها تنزل آيات سور أخرى، وكان جبريل -عليه السلام - ينزل بالآية، وموضعها من سورتها على النبي -صلى الله عليه وسلم فيأمر النبي عليه الصلاة والسلام كُتّاب الوحي بأن توضع آية كذا في سورة كذا، محدداً موضعها(١)
حتى إذا ماتم القرآن الكريم نزولاً كانت كل آية في كل سورة في موضعها المحكم، وكذلك كل سورة في موضعها من النسق الكلي للقرآن الكريم على النحو الذي هو عليه في اللوح المحفوظ وفي بيت العزة من السماء الدنيا ( ٢)
وإذا كانت الفاتحة هي أم القرآن ( ٣ ) ؛ فإن البقرة هي السورة البكر، وهي أول الذرية، وهي بداية التفصيل الذي جُمِع في الفاتحة.
كما أنها أطول السور القرآنية، ومن أعلاها قدراً ؛ ولذلك أطلق عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم ( سنام القرآن ) (٤).
والسنام هو أعلى شيء في الجمل، وهو الموضع الذي لا يلتصق أبداً بالتراب، وهو مع ذلك كله مخزن الغذاء عند الجوع.
وكما أن السنام هو أعلى الشيء مكاناً، فهو أعلاه مكانةً أيضاً ؛ حيث يقال: مجد مُسنّم ؛أي عظيم.
وعليه فإن السورة تجمع بين عظم المكان والمكانة.
ولما كانت سورة البقرة في بداية القرآن الكريم فقد جمعت أصول العلاج لمشاكل الإنسان، وهي :
( العقيدة -والشريعة - والمعاملات ).
وهكذا ؛ فموقع السورة يشير إلى هذا القدر الكبير من التكاليف ؛ فالولد البكر يحمل من الأعباء بقدر ما يحظى من الحب والتقدير.


الصفحة التالية
Icon