الذي يبدو أن كلمة " المدين " لن تفيد معنى جديداً في هذا السياق لكن لما أريد التأكيد على المدين بأن يعترف بما عليه أمام الشهود، والكاتب، ولما أريد تذكيره بأن ما أخذه ليس حقه، بل هو حق الدائن، والحقوق لابد أن ترجع إلى أصحابها، عرّف المدين بجملة الصلة ؛ كي تجمع كل هذه المعاني في وسيلة واحدة للتعريف.
يقول الإمام عبد القاهر :" إن اسم الموصول ( الذي ) اجتلب ليكون وصلة إلى وصف المعارف بالجمل، وإنما اجتلب حتى إذا كان قد عرف رجل بقصة، وأمرٍ جَرَى له، فتخصص بتلك القصة، وبذلك الأمر عند السامع، ثم أريد القصد إليه ذكر ( الذي ) { ( ٩٧ ).
وكأن من مقاصد جملة الصلة هنا إشهار المدين، وتعريفه للناس بأنه ( الذي عليه الحق ).
أترى إلى أي مدى يكون هذا مؤثراً في المدين بين الناس ؟
حيث يشتهر بهذا الوصف العجيب، وكأنه لا يعرف باسمه، ولكن يعرف بأنه ( الذي عليه الحق )، وفي ذلك ما فيه من التنفير لهذا النوع من المعاملات.
كما أن في اصطفاء اسم ( الحق ) تذكيراً للجميع، وعلى رأسهم المدين بوجوب عودته إلى صاحبه، ووجوب إحقاقه، والحرص على عدم تضييعه.
كما أنه متوجه أيضاً إلى الدائن ؛ طمأنة له، وتسكيناً لفؤاده من أن ماله لن يضيع.
كما أنه متوجه إلى الشاهدَين، بأن ما يشهدان عليه ليس إلا الحق، فعليهما الإقدام، وعدم التخاذل، كما أن عليهما الشهادة الصادقة التي تحفظ الحقوق.
كما أنه متوجه إلى الكاتب بأن ما سيكتبه ليس إلا الحق ؛ فلا ينبغي أن يحيد عنه، وإلا فقد ضيعه ؛ فالكلمة جرس إنذار للجميع ؛ ( ويحق الله الحق بكلماته ).
البناء التركيبي لجملتي :" وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً "
والجملتان معطوفتان على ما سبق، من قوله " وليملل الذي عليه الحق " وهما أمر ونهي، والجملة المعطوف عليها هي الأخرى أمر.
وكل هذه الأوامر موجهة إلى " الذي عليه الحق " ؛ فقيل له :


الصفحة التالية
Icon