للاستثناء أدوات كثيرة، منها :[ إلا، وغير، وسوى ]، وقد يستثنى بجملة الشرط، كما هو حال الجملة هنا ؛ ولذلك لما قيل :" وليملل الذي عليه الحق "، تبين أن هذا الحق قد يكون على أناس لا يستطيعون القيام بعملية الإعلام، وهم : السفيه، والضعيف، ومن به سبب عارض يمنعه من الكتابة، فاستُثنوا - ليس من الكتابة - وإنما من الإملال ؛ إذ الكتابة واجبة على الجميع، ولعل إدخال هؤلاء في دائرة الكتابة يزيد من معنى الوجوب الذي مال البحث إليه.
إلا أن الاستثناء هنا سلك طريق الشرط ؛ وذلك لأن الشرط في الأصل قيدٌ، والقيود والعقبات تتواءم مع سياق الآية، الذي يسير في فلك التشديد والتضييق.
ولكن : إذا كانت الديون تنشأ من قرض، أو بيع، أو شراء بأجل، وهؤلاء لايمكن لهم مباشرة هذه المعاملات بأنفسهم، فكيف يقع عليهم دين ثم يكتب عنهم وليُّه ؟ !
ولعل أولياءهم هم الذين يبيعون لهم بأجل، أو يشترون بأجل، أو يقترضون لهم، أو أن لبعضهم رخصة من ولي الأمر، بأن يبيع أو يشتري، كما رخص النبي ﷺ لمنقذ بن عمرو، حيث قال يا رسول الله إني لا أصبر على البيع، فقال له ﷺ : قل : لا خلابة "
( ١٠٠) أي : لا خداع.
ترتيب الأصناف الثلاثة :
الوقوف أمام بلاغة ترتيب هذه الأصناف الثلاثة يأتي بعد معرفة المقصود بكل صنف، " فالسفيه : من السفه، " والسين، والفاء، والهاء، أصل واحد يدل على خفة، وسخافة، وهو قياس مضطرد، فالسفه ضد الحلم " ( ١٠١)
ولذلك قيل :" السفيه هو : الجاهل بالصواب في الذي عليه أن يُمله على الكاتب، أو هو الجاهل بالإملاء، والأمور.... ويدخل في ذلك كل جاهل بصواب ما يُمل، من صغير وكبير، وذكر وأنثى.
وقيل إن السفيه : هو مختل العقل...
والضعيف هو : الصغير ؛ لقوله تعالى " وله ذرية ضعفاء " ( البقرة ٢٦٦)،