وهما إما فاعل لفعل محذوف، تقديره: فإن يشهد رجل وامرأتان، أو فليستشهد رجل وامرأتان
وإما مبتدأ، والخبر محذوف تقديره - يشهدان -.
وإما خبر لمبتدأ محذوف، تقديره : فالشاهد رجل وامرأتان.
وأولى هذه التقديرات - في رأيي - أن يكون قوله :" فرجل وامرأتان " فاعلاً لفعل محذوف تقديره : فليستشهد، ليوافق قوله من قبل :" فاستشهدوا "، ولأن طلب هؤلاء الثلاثة يكون أصعب، وبخاصة إذا ضم إلى هذا المعنى قوله :" ممن ترضون ".
والسياق العام للآية يضيِّق الخناق على التعامل بالدين، فكان البحث عن رجل وامرأتين يرضى عنهم المتداينين من الصعوبة بمكان ؛ لذلك كان أقرب رحماً بالغرض العام للآية.
" وجيء في الآية بـ " كان " الناقصة، مع إمكان القول - فإن لم يكن رجلان ؛ لئلا يتوهم منه أن شهادة المرأتين لا تقبل إلا عند تعذر الرجلين..
وفيه مرمى آخر، وهو تعويدهم على إدخال المرأة في شؤون الحياة ؛ فإذا كانت في الجاهلية لا تشترك في مثل هذه الشؤون، فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد " ( ١١٢).
وهذا وإن كان فيه توسعة - إلا أن في إشراك النساء في الشهادة على مثل هذه المعاملات هدفاً آخر، وهو إحراج المدين، والتضييق عليه.
فالرجل إذا استدان وشهد عليه الرجل يكون في حالة من الذل والضعف، ولذلك يستعيذ بالله تعالى من غلبة الدين، فهو يخجل أن يعرف عنه الناس أنه مدين، فما بالك إذا كان الشاهد عليه رجلاً وامرأتين. ؟‍‍‍‍!!!
إن في إشهاد النساء على الديون ضرباً آخر من التنفير ؛ فطبيعة المرأة لا تقوى على كتم الأسرار، وهذا يعني أن إشهادها على الديون فيه إشاعة لذلك الأمر بين الناس، وهو ما يخشاه المدين، مما يترتب عليه العزوف عن هذه الديون قدر الطاقة.


الصفحة التالية
Icon