أما لفظ " الشهداء " فجاء جمعا لدخول النساء في هذا اللفظ، فصاروا جمعاً، وفي كلمة " إذا " ما يشير إلى كثرة ذلك منهم ً وأنهم صاروا معروفين بالشهادة، وقد يلوح من هذه الآية دليل على أنه يجوز للإمام أن يقيم للناس شهوداً، ويجعل لهم من بيت المال كفايتهم، فلا يكون لهم شغل إلا تحمل حقوق الناس حفظاً لها، وإن لم يكن ذلك ضاعت الحقوق وبطلت " ( ١٣١ )
" وقد أحسن قضاة تونس المتقدمون، وأمراؤها في تعيين شهود منتصبين للشهادة بين الناس، ويُعرفون بالعدالة، وكذلك كان الأمر في الأندلس، وذلك من حسن النظر للأمة، ولم يكن ذلك
متبعاً في بلاد المشرق..
وكان مما يعد في ترجمة بعض العلماء أن يقال : كان مقبولاً عند القاضي فلان " ( ١٣٢)
دلالة " ما " في قوله :" إذا ما دعوا " :
قيل " " ما " مزيدة (٣٣)، وراعى بعضهم اللفظ فقال " ما" حرف زائد للتوكيد عند جميع البصريين، ويؤيده سقوطها في قراءة ابن مسعود" بعوضة " في قوله تعالى :( إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا) (البقرة: ٢٦).
وتأتي " ما " على ستة معان منها :" التوكيد، ويسميه بعضهم صلة، وبعضهم زائدة، والأُولى
أولى ؛ لأنه ليس في القرآن حرف إلا وله معنى، والنحاة إنما يقولون زائدة، يقصدون أنها لا تؤثر على إعراب الجملة، ولا يقصدون خلوها من المعنى، أو إنها يمكن الاستغناء عنها.
والذي ينبغي الوقوف عليه هنا أن السياق يستدعي هذا التوكيد ؛ لأن إعراض الشهداء عن الشهادة كثير، بل إن المسلم ليتهرب منها ؛ خشية الوقوع في الزلل أو النسيان، أو معاداة أحد المتداينين إن
شهد عليه، ومن أجل كل ذلك كان التوكيد هنا حسناً ؛ ليعلم أن شهادته ضمان للحقوق، ودفع للشبهات، وإغلاق لأبواب الشقاق.... ولكن هل يمكن ملاحظة النفي في " ما " هنا ؟