وإذا اجتمعت شهادتهم علي ذلك كان فصل الحكم بينهم أبين لمن احتكم إليه من الحكام مع غير ذلك من الأسباب ](١٥٠ ).
وهذا يفتح الباب لمعني آخر، وهو أن هناك من يشهد فقط ولا يكتب، فلما قيل :(ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً )، فهم منه أن الشهادة حينئذٍ تكون علي مكتوب ؛ فلا يتخللها نسيان أو ضلال، أو اختلاف بين الشاهدين.
وعليه ؛ [فالشهادة علي شيء مكتوب أقوم من الشهادة التي تعتمد علي الذاكرة وحدها ] (١٥١ )
لأن تتابع الأيام يُنسي، مما يترتب عليه عوج في الشهادة، أو نسيان بعضها، أو اختلاف بين الشاهدين، ويترتب علي كل ذلك ضياع الحقوق وبزوغ الخلاف.
يقول القرطبي "وأقوم للشهادة، دليل علي أن الشاهد، إذا رأي الكاتب ولم يذكر الشهادة لا يؤديها ؛
لما دخل عليه من الريبة، ولا يؤدي إلا ما علم، لكنه يقول: هذا خَطّي ولا أذكر الآن ما كتبت فيه ".
قال ابن المنذر[أكثر من يُحفظ عنه من أهل العلم يمنع أن يشهد الشاهد على خطه إذا لم يذكر الشهادة
واحتج مالك على جواز ذلك بقوله تعالى" وما شهدنا إلا بما علمنا " - يوسف ٨١
وقال بعض العلماء :
لمَّا نَسَب الله تعالى الكتابة إلى العدول جعلهم يشهدون على خطهم، وإن لم يذكروا.
ذكر ابن المبارك عن معمر عن بن طاووس عن أبيه : يُشهد على شهادة فينساها ؟
قال : لا بأس أن يشهد إن وجد علامته في الصك، أو خط يده.
قال ابن المبارك : استحسنت هذا جداً.
وفيما جاءت به الأخبار عن رسول الله - ﷺ _ أنه حكم في أشياء غير واحدة بالدلائل والشواهد ] ( ١٥٢)
لكن الثابت أن الإمام مالك - رحمه الله - [ كان يحكم بالخط إذا عرف الشاهد خطه | ثم رجع عن ذلك حين ظهر في الناس ما ظهر من الحيل، والتزوير ] ( ١٥٣ ). |
( ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا) (المائدة: ١٠٨)
وبعد :