ومن مواطن الاستغفال، والتلاعب بعقول القراء، ما يراه الناظر من عمل محقق كتاب اللنكوني – رحمه الله تعالى -: ((سباحة الفِكْرِ في الجهر بالذكر))، إِذ جاء فيه (ص / ٧٠)، ما نصه: (ومن توابع الذكر القلبي: الذكر النفسي، وهو أَن يحصل بصعود النفس وهبوطه، ذكر لا إِله إِلا الله، هو أَو نحو ذلك، وهو ذكر حسن موجب لحصول التشبه بالملائكة... ) اهـ. فإِن محقق الكتاب لم يعلق حرفاً واحداً بإِنكار السلف لـ (الذكر النفسي) بالصفة المذكورة ومنها: الذكر بالضمير (هو) لفظياً أَو نفسياً، وإِذا لم يحصل منه ذلك فهو مطالب أَمانةً أَن يضع فاصلة بعد لفظ (هو)، ليظهر مراد المؤلف من الذكر النفسي بالضمير (هو)، فإِنه لا يراد به هنا إِلا الذكر به بدلالة السياق قبل وبعد، ولو أَراد بقوله (هو) الذكر بـ (لا إِله إِلا الله)، لكان مراداَ بقوله (أَو نحو ذلك) نحو النحو، وهذا لغو من القول، ولأَن من أَجاز الذكر النفسي بصعود النفس وهبوطه قال بالذكر بالضمير (هو) من باب أَولى، ومن قال بهما قال بالذكر بالاسم المفرد كلفظ الجلالة (الله، الله)، وكل هذا مما أَنكره السلف على الخلف، لعدم النص به. فالله المستعان
ومن غريب ما رأَيت ما عمله محققان معاصران للرسالة الفقهية لابن أَبي زيد القيرواني سنة ٣٨٦ هـ – رحمه الله تعالى - مع شرحها ((غرر المقالة)): (ص٧٦)، طبع دار الغرب الإِسلامي، إِذ جاء فيها من واجب الاعتقاد ما نصه: (العالم، الخبيرُ، المديرُ، السميع، البصير، العلي، الكبير، وأَنه فوق عرشه المجيد بذاته، وهو في كل مكان. بعلمه خلق الإِنسان، ويعلم ما توسوس به نفسه... ) اهـ. فالابتداء من أَول السطر بقوله ( بعلمه خلق الإِنسان) خطأ محض، فإِن الجار والمجرور (بعلمه) متعلق بما قبله، وصواب السياق:
(وهو في كل مكان بعلمه. خلق الإِنسان، ويعلم ما توسوس به نفسه) اهـ.


الصفحة التالية
Icon