فقال في ((كشف الافتراءات)): (ص / ٤٠): (وأَنا أَعترف بأَن العبارة كانت تحتاج إَلى زيادة توضيح بأَن يقال: ((لمن خلقته بذاتي بيديّ))، من غير واسطة أَب وأُم)) وقد عدلت العبارة في الطبعة الأَخيرة من ((صفوة التفاسير)).) انتهى.
وفي هذا هفوات:
١- تأْويله وتحريفه لصفة اليدين لله سبحانه وتعالى.
٢- أَنه عالج التحريف بمثله، فقال: (لمن خلقته بذاتي بيديّ).
لماذا لم يكتف بعبارة ابن جرير، إِذ أَتى بلفظ الآية، (بيدي) إِثباتاً لصفة اليدين لله سبحانه على الوجه اللائق بجلاله وعظمته.
٣- عجيب جداً: أَن يذكر في صلب الكتاب، رأُي الزمخشري المعتزلي في تفسير ((اليدين)) بالقدرة، وفي الحاشية يشير إِلى مذهب السلف ويسكت، ولم يشر إِلى أَنه الصواب الأَسلم، ولو كان لديه هو الأَسلم الأَحكم لأَثبته في صلب ((الصفوة))، أَما أَن يثبت الكدر في الأَصل بتحريف معنى الآية بالقدرة – فلا؟
٤- وهذا التعديل الذي أَتى به (بذاتي بيدَي) فيه أُمور ثلاثة مهمة:
أ- أَنه إِصرار على التحريف لمعنى اليدين في الآية.
ب- في إِطلاق (الذات) على الله سبحانه، والحالة هذه: نزاع وهو يعلم ما لدى الأَشاعرة في هذا، ولا أُطيل ببحثها، فقد ذكرت مواضع مهمة في بيان ذلك في كتاب ((معجم المناهي اللفظية)) وهو مطبوع ولله الحمد.
ج- البلاغة كما قال شيخ الإِسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - في ((منهاج السنة النبوية)) (٨ / ٥٤): (فالبلاغة: بلوغ غاية المطلوب، أَو غاية الممكن من المعاني بأَتم ما يكون من البيان... ) انتهى.
فإِثبات ما أَثبته الله لنفسه لا يحتاج إِلى هذا العناء لكنه (التأْويل) بِنَفَسِ التحريف، حتى ولو اعتور العبارة قصور البلاغة.
وما أَلطف ما قال السكاكي في ((مفتاح العلوم)): (ص / ٧٠) مشيراً إِلى شرط البلاغة في فني المعاني والبيان للمفسر: (الويل كل الويل لمن تعاطى التفسير، وهو فيهما راجل.. ) انتهى.